بَابُ اَلتَّفْلِيسِ وَالْحَجْرِ
٨٦٥ - عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَمَالِكٌ: مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ مُرْسَلًا بِلَفْظِ (أَيُّمَا رَجُلٌ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ اَلَّذِي اِبْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ اَلَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ اَلْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ اَلْمَتَاعِ أُسْوَةُ اَلْغُرَمَاءِ) وَوَصَلَهُ اَلْبَيْهَقِيُّ، وَضَعَّفَهُ تَبَعًا لِأَبِي دَاوُدَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ: مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَفْلَسَ، فَقَالَ: لَأَقْضِيَنَّ فِيكُمْ بِقَضَاءِ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَوَجَدَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ، وَضَعَّفَ أَبُو دَاوُدَ هَذِهِ اَلزِّيَادَةَ فِي ذِكْرِ اَلْمَوْتِ.
===
- (بِعَيْنِهِ) أي: لم يتغير ولم يتبدل.
(فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) أي: كائناً من كان وارثاً وغريماً.
(قد أفلس) المفلس شرعاً: ما تزيد ديونه على موجوده، سمي مفلساً لأنه صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، إشارة إلى أنه صار لا يملك إلا أدنى الأموال وهي الفلوس، أو سمي بذلك لأنه يمنع التصرف إلا في الشيء التافه كالفلوس، لأنهم ما كانوا يتعاملون بها إلا في الأشياء الحقيرة، أو لأنه صار إلى حالة لا يملك فيها فلساً.
• من هو المفلس في عرف الفقهاء؟
المفلس: هو من دينه أكثر من ماله.
قال ابن حجر: المفلس شرعاً من تزيد ديونه على موجوده، سمي مفلساً لأنه صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، إشارة إلى أنه صار لا يملك إلا أدنى الأموال وهي الفلوس، أو سمي بذلك لأنه يمنع التصرف إلا في الشيء التافه كالفلوس، لأنهم ما كانوا يتعاملون بها إلا في الأشياء الحقيرة، أو لأنه صار إلى حالة لا يملك فيها فلساً.
وقال ابن قدامة: وَالْمُفْلِسُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ: مَنْ دَيْنُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ، وَخَرَّجَهُ أَكْثَرُ مِنْ دَخْلِهِ.
وَسَمَّوْهُ مُفْلِسًا وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ؛ لِأَنَّ مَالَهُ مُسْتَحَقُّ الصَّرْفِ فِي جِهَةِ دَيْنِهِ، فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ عَدَمِ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاءِ دَيْنِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، إلَّا الشَّيْءَ التَّافِهَ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ، كَالْفُلُوسِ وَنَحْوِهَا. (المغني).
• هل يحجر على المفلس؟
إذا كانت ديون الإنسان أكثر من ماله فإنه يحجر عليه، إذا طلب الغرماء ذلك [الغرماء] أصحاب الديون.
- ومعنى الحجر: منع الإنسان من التصرف في جميع ماله، ويمنع من التصرف في ماله فقط، فلا يبيع ولا يشتري ولا يرهن ولا يهب، أما في الذمة فلا بأس، فلو استدان من غيره شيء فإن له ذلك.