للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• هل الحج على الفور أم على التراخي؟

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه على الفور.

وهو قول المالكية والحنابلة.

قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن من وجب عليه الحج، وأمكنه فعله؛ وجب عليه على الفور، ولم يجز له تأخيره، وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك.

- لقوله تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) وقوله تعالى (واستبقوا الخيرات).

- قال -صلى الله عليه وسلم- (من أراد الحج فليتعجل) رواه أحمد وفيه ضعف.

- ما جاء في قصة الحديبية، وفيها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: (قوموا فانحروا ثم احلقوا … فوالله ما قام منهم رجل … فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس).

ووجه الدلالة: أنه لو لم يكن الأمر للفور ما دخل على أم سلمة مغضباً.

- ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله؛ ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً) رواه الترمذي وفيه ضعف.

- أن المبادرة بالفعل أحوط وأبرأ للذمة.

- ولأنه أحد أركان الإسلام؛ فكان واجباً على الفور كالصيام.

- ولأن وجوبه بصفة التوسع يخرجه عن رتبة الواجبات.

القول الثاني: أنه على التراخي وليس على الفور.

وهذا مذهب أكثر الشافعية.

قال النووي: مذهبنا أنه على التراخي، وبه قال الاوزاعي والثوري ومحمد بن الحسن ونقله الماوردي عن ابن عباس وأنس وجابر وعطاء وطاوس رضي الله تعالى عنهم.

أ- قالوا: إن الحج فرض عام ست من الهجرة، ولا خلاف أن آية (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) نزلت عام ست من الهجرة في شأن ما وقع في الحديبية من إحصار المشركين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه، وهم محرومون بعمرة، وذلك في ذي القعدة من عام ست بلا خلاف وإذا كان الحج فرض عام ست، وكان النَّبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحج إلا عام عشر، فذلك دليل على أنه على التراخي.

ب-ومن أدلتهم أيضاً: أَنه إن أَخر الحج من سنة إلى أَخرى، أَوْ إلى سنين ثم فعله فإنه يسمى مؤدياً للحج لا قاضياً له بالإجماع، قالوا: ولو حرم تأخيره لكان قضاء لا أداء.

ج-ومنها: أنهم قاسوه على قضاء رمضان في كونهما على التراخي، بجامع أن كليهما واجب، ليس له وقت معين: قالوا: ولكن ثبتت آثار: أن قضاء رمضان غاية زمنه مدة السنة.

والراجح أنه على الفور.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحج عام ٩ هـ وحج عام ١٠ هـ، لسببين:

أولاً: كثرة الوفود عليه في تلك السنة، ولهذا تسمى سنة الوفود.

ثانياً: لأن في السنة التاسعة من المتوقع أن يحج المشركون كما وقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>