وقال الله تعالى (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما).
وقال (والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون).
قال الطبري: يقول تعالى ذكره (والذين هم لفروجهم حافظون) حافظون عن كل ما حرم الله عليهم وضعها فيه، إلا أنهم غير ملومين في ترك حفظها على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم من إمائهم.
قال ابن كثير: وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام وقد فعله إبراهيم عليه السلام في هاجر لما تسرى بها على سارة.
وقال ابن كثير أيضاً: وقوله تعالى (وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك) أي: وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليهما السلام وكانتا من السراري رضي الله عنهما.
وقد أجمع العلماء على إباحته.
قال ابن قدامة: ولا خلاف في إباحة التسري ووطء الإماء؛ لقول الله تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين).
وقد كانت مارية القبطية أم ولد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي أم إبراهيم ابن النبي -صلى الله عليه وسلم- التي قال فيها (أَعِتَقَها ولدُها)، وكانت هاجر أم إسماعيل -عليه السلام- سُرِّيَّة إبراهيم خليل الرحمن -عليه السلام-، وكان لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أمهات أولاد أوصى لكل واحدة منهن بأربعمائة، وكان لعلي -رضي الله عنه- أمهات أولاد، ولكثير من الصحابة، وكان علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله من أمهات الأولاد. يعني أن هؤلاء الثلاثة علي والقاسم وسالم كانت أمهاتهم من الإماء.
• هل يجوز للسيد أن يتزوج أمَتَه؟
اتفق العلماء على أنه لا يجوز للسيد أن يتزوج أمته، لأن عقد الملك أقوى من عقد الزوجية، ويفيد ما يفيده عقد الزوجة وزيادة، ويجوز له أن يتزوج أمَةَ غيره إذا توفرت شروط ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله: وليس للسيد أن يتزوج أمَتَه؛ لأن ملك الرقبة يفيد ملك المنفعة وإباحة البضع، فلا يجتمع معه عقدٌ أضعفُ منه، ولو ملك زوجته وهي أمة انفسخ نكاحها، وكذلك لو ملكت المرأة زوجها انفسخ نكاحها، ولا نعلم في هذا خلافاً.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَات)
قوله تعالى (فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم) أي: فَلْيَتَزَوّج بأَمَة الغير، ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز له أن يتزوّج أَمَةَ نفسه؛ لتعارض الحقوق واختلافها " انتهى.
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: ويحرم على السيد أن يتزوج مملوكته؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح، ولا يجتمع عقدٌ مع ما هو أضعفُ منه.
والحاصل: أن عقد النكاح لا ينعقد بين السيد وأمته، وتبقى في ملكه وذمته ولا تكون حرة بذلك.
وإذا أراد الرجل أن يتزوج أمته، فإنه يعتقها أولاً حتى تصير حرة، ثم يتزوجها.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا .... ثم تزوجها).
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديثين؟
- الاحتجاج بما فُعِل في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- أن أم الولد تعتق بموت السيد.