٧٧٩ - وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (أُمِرَ اَلنَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ عَنِ الْحَائِضِ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(أُمِرَ اَلنَّاسُ) الآمر هو النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا ينصرفنّ أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت).
(أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ) أي: الطواف.
(إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ) أي: طواف الوداع.
(عَنِ الْحَائِضِ) وفي معناها النفساء.
• ما حكم طواف الوداع للحاج؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
أولاً: أنه واجب.
قال النووي: وهو الصحيح من مذهبنا، وبه قال أكثر العلماء، منهم: الحسن البصري، والحكم، وحماد، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وهذا القول هو الصحيح.
أ- لحديث الباب، ووجه الدلالة من وجهين:
الأول: الأمر بطواف الوداع، بقوله (أمِر) وفي رواية لمسلم (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت).
الثاني: أنه قال (خفف عن الحائض) والتخفيف لا يقال إلا في مقابل الإلزام.
قال الحافظ في الفتح: فِيهِ دَلِيل عَلَى وُجُوب طَوَاف الْوَدَاع لِلأَمْرِ الْمُؤَكَّد بِهِ وَلِلتَّعْبِيرِ فِي حَقّ الْحَائِض بِالتَّخْفِيفِ، وَالتَّخْفِيف لا يَكُون إِلا مِنْ أَمْر مُؤَكَّد " انتهى. ونحوه قاله النووي في "شرح مسلم".
ب- ولحديث ابن عباس قال (كان الناس ينصرفون من كل وجه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه مسلم.
وجه الدلالة: أن النهي عن النفر قبل طواف الوداع دليل على الوجوب.
القول الثاني: أنه سنة لا شيء في تركه.
وبه قال مالك وداود وابن المنذر.
قالوا: إن طواف الوداع لا يجب على الحائض والنفساء، ولو كان واجباً لوجب عليهما كطواف الإفاضة
والقول الأول هو الصحيح، وأن من تركه عليه دم.
• ماذا نستفيد من قوله (إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ عَنِ الْحَائِضِ)؟
نستفيد: سقوط طوف الوداع عن الحائض.
قال في المغني: هو قول عامة الفقهاء.
قال النووي: هذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة، إلا ما حكاه ابن المنذر عن عمر وابن عمر وزيد بن ثابت.
• وهل يسقط عن النفساء أم لا؟
فالصحيح نعم، أنه يسقط عن النفساء خلافاً لابن حزم.