للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٧١٥ - وَعَنْهُ: (أَنَّ اِمْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: " نَعَمْ "، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اِقْضُوا اَللَّهَ، فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.

===

(أَنَّ اِمْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ) قال الحافظ: لم أقف على اسمها.

(نَذَرَتْ) أي: أوجبت على نفسها.

(أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟) أي: الديْن.

(اِقْضُوا اَللَّهَ) أي: أدوا إليه ما وجب عليكم من حقه.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: أن ناذر الحج إذا مات قبل أداء نذره فإنه يؤدى عنه وجوباً إن ترك مالاً، واستحباباً إن لم يترك مالاً.

وهذا مذهب أكثر العلماء.

قال النووي: ذكرنا أن مذهبنا المشهور أنه إن مات وعليه حج الإسلام أو قضاء أو نذر وجب قضاؤها من تركته أوصى بها أم لم يوص، قال ابن المنذر: وبه قال عطاء وابن سيرين وروى عن أبي هريرة وابن عباس وهو قول أبى حنيفة وأبى ثور وابن المنذر.

وذهب بعض العلماء إلى وجوب الوفاء لقوله: (نعم، حجي عنها).

وفي هذا نظر لقوله تعالى (ولا تزروا وازرة وزر أخرى).

وأيضاً هو شبيه بالدين، فإن من مات وعليه دين وكان له مال وجب إيفاء الدين، وإلا فلا يجب على الورثة وإنما يستحب في حقهم.

قال ابن قدامة رحمه الله: متى توفي من وجب عليه الحج ولم يحج، وجب أن يخرج عنه من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر، سواء فاته بتفريط أو بغير تفريط، وبهذا قال الحسن، وطاوس، والشافعي …

لما روى ابن عباس (أن امرأة سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أبيها، مات ولم يحج؟ قال: حجي عن أبيك).

وعنه: (أن امرأة نذرت أن تحج، فماتت، فأتى أخوها النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن ذلك؟ فقال: أرأيت لو كان على أختك دين، أما كنت قاضيه؟ قال: نعم. قال: فاقضوا دين الله، فهو أحق بالقضاء) رواهما النسائي، ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة، فلم يسقط بالموت كالدين. (المغني).

وأما إن كان في حياته لا يملك نفقة الحج الفاضلة عن نفقته ونفقة عياله، فالحج لم يجب عليه، ولا يجب الحج عنه، إلا إن تبرع أحد بذلك.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لي ابن أخ أصيب بمرض السرطان -أعيذكم بالله من ذلك وجميع المسلمين- وتوفي هذا العام وعمره تسع عشرة سنة ولم يؤد فريضة الحج، علماً بأنه أصيب بهذا المرض منذ خمس سنوات، فهل نحج عنه؟ وهل هناك كفارة؟

لا بد أن نسأله: هل هذا الشاب عنده مال يستطيع أن يحج به؟ إن كان الأمر كذلك فلا بد أن يحج عنه، وإذا لم يكن عنده مال فالحج ليس بواجب عليه وقد مات بريئاً من الفريضة، لكن إن أرادوا أن يتطوعوا ويحجوا عنه فلا حرج.

• ما حكم من نذر الحج؟

الحكم: أنه يجب عليه الوفاء به.

لقوله -صلى الله عليه وسلم- (من نذر أن يطيع الله فليطعه).

ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- شبهه بالدين، والدين يجب على المرء قضاؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>