للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ما الجمع بين ما جاء في حديث جابر قال: (أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن أبي بعد ما دفن، فأخرجه فنفث فيه من ريقه … وألبسه قميصه) وبين حديث الباب ( … فأعطاه إياه).

قال ابن حجر: قد جمع بينهما بأن نفي قوله في حديث ابن عمر (فأعطاه) أي أنعم له بذلك، فأطلق على العِدَة اسم العطية مجازاً لتحقيق وقوعها.

وقيل: أعطاه -صلى الله عليه وسلم- أحد قميصيه أولاً، ثم لما حضر أعطاه الثاني بسؤال ولده.

• ما سبب إعطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- قميصه ليكفن به هذا المنافق؟

قيل: لتطييب قلب ابنه. قال النووي: وهو أظهر.

وقيل: لأنه كان قد كسا العباس عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثوباً حين أسر يوم بدر، فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم ثوباً بدله لئلا يبقى لكافر عنده فضل.

وقيل: فعل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- إجابة لسؤال ابنه حين سأله ذلك. (المجموع).

• ما سبب صلاته -صلى الله عليه وسلم- على أبيّ بن سلول مع نفاقه وكفره؟

اختلف العلماء في ذلك:

القول الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استغفر له وصلى عليه بناء على الظاهر، حيث إن ظاهره هو أنه من المسلمين، ولم يعلم بباطنه - وأنه مات على الكفر والنفاق - إلا بعد أن نزل النهي عن الصلاة عليه.

وهذا رأي النحاس، والخطابي، وابن حزم، والقاضي عياض، وابن الجوزي، والرازي، وابن جزي، والحافظ ابن حجر.

قال ابن عطية: وظاهر صلاته عليه أن كفره لم يكن يقيناً عنده، ومحال أن يصلي على كافر، ولكنه راعى ظواهره من الإقرار، ووكل سريرته إلى الله عز وجل، وعلى هذا كان ستر المنافقين من أجل عدم التعيين بالكفر.

وقال الحافظ ابن حجر: أما جزم عمر بأنه منافق فجرى على ما كان يطلع عليه من أحواله، وإنما لم يأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله وصلى عليه إجراء له على ظاهر حكم الإسلام كما تقدم تقريره واستصحاباً لظاهر الحكم، ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته، ومصلحة الاستئلاف لقومه، ودفع المفسدة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- في أول الأمر يصبر على أذى المشركين ويعفو ويصفح ثم أمر بقتال المشركين فاستمر صفحه وعفوه عمن يظهر الإسلام ولو كان باطنه على خلاف ذلك لمصلحة الاستئلاف وعدم التنفير عنه، ولذلك قال لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، فلما حصل الفتح ودخل المشركون في الإسلام وقلّ أهل الكفر وذلوا، أمر بمجاهرة المنافقين وحملهم على حكم مر الحق، ولا سيما وقد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين وغير ذلك مما أمر فيه بمجاهرتهم، وبهذا التقرير يندفع الإشكال عما وقع في هذه القصة بحمد الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>