١٢١٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (ادْفَعُوا الْحُدُودَ، مَا وَجَدْتُمْ لَهَا مَدْفَعًا) أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
١٢٢٠ - وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ: مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِلَفْظ (ادْرَأُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُم) وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضاً.
١٢٢١ - وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ: عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- مِنْ قَوْلِهِ بِلَفْظِ: «ادْرَأُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَات).
===
(ادْرَأُوا) أي: ادفعوا.
(بِالشُّبُهَات) أي: فلا تحدوا إلا بأمر متيقن لا يتطرق إليه تأويل.
• ما صحة أحاديث الباب؟
ضعيفة كما قال المصنف - رحمه الله.
• ماذا نستفيد من أحاديث الباب؟
أن الحدود تدرأ بالشبهات، كدعوى الإكراه، أو أنها أتيت وهي نائمة.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن الحدود تدرأ بالشبهات.
وهذا مذهب جماهير العلماء.
واستدلوا بالسنة والإجماع والمعقول.
أما السنة، فاستدلوا بأحاديث الباب.
وأما الإجماع، فقد قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ من أهل العلم عنه على أن الحدود تدرأ بالشبهة.
أما المعقول فمن جهتين:
الأولى: أن الحد عقوبة كاملة فتستدعي جناية كاملة ووجود الشبهة ينفي تكامل الجناية.
الثانية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقن ماعزاً -رضي الله عنه- لعلك لمست، لعلك قبلت، لعلك كذا، لعلك كذا، وفعل علي -رضي الله عنه- ذلك مع شراحة، أفلا يكون مقصوداً به الاحتيال للدرء بعد الثبوت لأنه كان بعد صريح الإقرار، وأن لم يكن هذا فلا فائدة إذن من التلقين.
القول الثاني: أنه لا يجوز أن تدرأ الحدود بالشبهات.
وهذا قول الظاهرية.
واستدلوا بالكتاب والسنة والمعقول.
أ- أما الكتاب: فقوله تعالي (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
وجه الدلالة: في الآيات دلالة علي النهي عن تعدي أوامر الله و نواهيه، التي منع الشرع من مجاوزتها، فالحدود إذا درأت فهذا تعدٍ وقد نهي عنه.
ب- أما السنة: فقوله -صلى الله عليه وسلم- (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا .... ).
وجه الدلالة: في الحديث دلالة علي أن الحدود لا تثبت مع شبهة؛ لأن الدماء والأعراض و الأبشار مبناها علي التحريم.
ج- أما المعقول: فإن درء الحدود إن استعمل أدي إلي إبطال الحدود جملة، وهذا خلاف إجماع أهل الإسلام، وخلاف الدين وخلاف القرآن والسنن، لأن كل واحد مستطيع أن يدرأ كل حد يأتيه فلا يقيمه، فبطل أن يستعمل هذا اللفظ وسقط أن تكون فيه حجة، خاصة والشبهة خاضعة لتقدير العقول.