وَهَذَا مَذْهَب أَبِي بَكْرَة الصَّحَابِيّ -رضي الله عنه- وَغَيْره.
وَقَالَ اِبْن عُمَر وَعِمْرَان بْن الْحُصَيْن -رضي الله عنهم- وَغَيْرهمَا: لَا يَدْخُل فِيهَا، لَكِنْ إِنْ قُصِدَ دَفَعَ عَنْ نَفْسه. فَهَذَانِ الْمَذْهَبَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى تَرْك الدُّخُول فِي جَمِيع فِتَن الْإِسْلَام.
وَقَالَ مُعْظَم الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَعَامَّة عُلَمَاء الْإِسْلَام: يَجِب نَصْر الْمُحِقّ فِي الْفِتَن، وَالْقِيَام مَعَهُ بِمُقَاتَلَةِ الْبَاغِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى
(فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي … ) الْآيَة. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح.
وَتُتَأَوَّل الْأَحَادِيث عَلَى مَنْ لَمْ يَظْهَر لَهُ الْحَقّ، أَوْ عَلَى طَائِفَتَيْنِ ظَالِمَتَيْنِ لَا تَأْوِيل لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُونَ لَظَهَرَ الْفَسَاد، وَاسْتَطَالَ أَهْل الْبَغْي وَالْمُبْطِلُونَ. وَاَللَّه أَعْلَم. (شرح مسلم).
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: لو تحاربت طائفتان - في فتنة - وجب على كل قادر الأخذ على يد المخطئ ونصر المصيب، و هذا قول الجمهور.
وقال الطبري: والصواب أن يقال أن الفتنة أصلها الابتلاء وإنكار المنكر واجب على كل من قدر عليه، فمن أعان المحق أصاب ومن أعان المخطئ أخطأ، وإن أشكل الأمر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها.
وقال الصنعاني: وذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى وجوب نصر الحق وقتال الباغين، وحملوا هذه الأحاديث على من ضعف عن القتال، أو قصر نظره عن معرفة الحق، وقال بعضهم بالتفصيل وهو أنه إذا كان القتال بين طائفتين لا إمام لهم فالقتال حينئذ ممنوع، وتنزل الأحاديث على هذا وهو قول الأوزاعي، وقال الطبري إنكار المنكر واجب على من يقدر عليه فمن أعان المحق أصاب ومن أعان المبطل أخطأ وإن أشكل الأمر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها، وقيل إن النهي إنما هو في آخر الزمان حيث تكون المقاتلة لطلب الملك. (سبل السلام).
كِتَابُ الْجِهَادِ
• ما تعريف الجهاد؟
الجهاد لغة: استفراغ الوسع والطاقة من قول أو فعل.
واصطلاحاً: قال الحافظ ابن حجر: بذل الجهد في قتال الكفار.
• ما الحكمة من الجهاد؟
إعلاء كلمة الله تعالى، وتعبيد الناس لله وحده، وإخراجهم من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد.
قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ).