٤٤٣ - وَعَنْ جَابِرٍ (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنَ اَلشَّامِ، فَانْفَتَلَ اَلنَّاسُ إِلَيْهَا، حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
===
(عِيرٌ مِنَ اَلشَّامِ،) بكسر العين، وهي الإبل التي تحمل التجارة طعاماً كان أو غيره.
(فَانْفَتَلَ اَلنَّاسُ) أي انصرفوا، جاء في رواية (فأنزلت هذه الآية: وإذا رأوا تجارة أو لهواً … ).
وفي رواية لمسلم: (لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً منهم أبو بكر وعمر)، وفي رواية للبخاري (فالتفتوا إليها) وفي رواية (فانفض الناس) وهو موافق للفظ القرآن، ودال على أن المراد بالالتفات الانصراف.
قوله (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب) جاء في رواية عند البخاري (بينما نحن نصلي إذا أقبلت عير) فكيف الجمع؟
يمكن الجمع بأن يُحمل قوله (نصلي) أي: ننتظر الصلاة.
وحمل ابن الجوزي قوله (يخطب قائماً) على أنه خبر آخر غير خبر كونهم كانوا معه في الصلاة، قال الحافظ: ولا يخفى تكلفه.
• ما العدد الذي تنعقد به الجمعة؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: يشترط حضور اثنا عشر رجلاً.
وهذا مذهب المالكية.
لحديث الباب.
وليس فيه دليل.
قال الشوكاني: فيه أنه يدل على صحتها بهذا المقدار، وأما أنها لا تصح إلا بهم فصاعداً لا بما دونهم، فليس في الحديث ما يدل على ذلك.
القول الثاني: يشترط حضور أربعين رجلاً.
وهذا المشهور من مذهب الحنابلة.
أ-لحديث جابر قال: (مضت السنة في كل أربعين فصاعداً جمعة) رواه الدارقطني والبيهقي. ولا يصح كما سيأتي في تخريجه.
ب-ولما روي عن كعب بن مالك، وكان قائداً لأبيه بعد كف بصره، يقول (سمعت أبي حينما سمع النداء يوم الجمعة يترحم لأسعد بن زرارة، فقلت: لأسلنه عن ذلك، فسألته فقال: إنه أول من جمع بنا، قلت: كم كنتم يومئذٍ، قال: كنا نحو أربعين). رواه أبو داود وابن ماجه
قال الشوكاني: استدل به من قال إن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلاً، وإلى ذلك ذهب الشافعي وأحمد في أحد الروايتين عنه، وبه قال عبيد الله بن عيينة، وعمر بن عبد العزيز، ووجه الاستدلال بالحديث: أن الأمة أجمعت على اشتراط العدد، والأصل الظهر، فلا تصح الجمعة إلا بعدد ثابت بدليل، وقد ثبت جوازها بأربعين فلا يجوز بأقل منه إلا بدليل صحيح.
لكن ليس فيه دليل على اشتراط الأربعين، لأنه ثبت كما في حديث الباب، حيث لم يبق معه -صلى الله عليه وسلم- إلا اثنا عشر رجلاً.