للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ما الجواب عن حديث الباب، الذي ظاهره يدل على استحباب الإسفار؟

ذهب بعض العلماء إلى القول بظاهر حديث الباب، وهو قول الثوري وأصحاب الرأي.

وأجيب عنه بأجوبة:

الجواب الأول: أنه محمول على أن المراد بذلك تحقق طلوع الفجر، وهذا حكاه الترمذي عن الشافعي وأحمد وإسحاق، واختاره الشيخ ابن باز.

قال الترمذي في جامعه: وقال الشافعي أحمد وإسحاق: معنى الإسفار: أن يضح الفجر فلا يُشك فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة.

وقال ابن قدامة: فَأَمَّا الْإِسْفَارُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِهِمْ، فَالْمُرَادُ بِهِ تَأْخِيرُهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ طُلُوعُ الْفَجْرِ، وَيَنْكَشِفَ يَقِينًا مِنْ قَوْلِهِمْ: أَسْفَرَتْ الْمَرْأَةُ، إذَا كَشَفَتْ وَجْهَهَا.

وقال الشيخ ابن باز: وإنما معناه عند جمهور أهل العلم: تأخير صلاة الفجر إلى أن يتضح الفجر، ثم تؤدى قبل زوال الغلس، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤديها.

الجواب الثاني: أن المراد تطويل القراءة حتى يخرج من الصلاة مسفراً.

وهذا قول الطحاوي.

وهذا رده الشوكاني، فقال: وهذا خلاف قول عائشة، لأنها حكت أن انصراف النساء كان وهُنَّ لا يعرفن من الغلس ولو قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسور الطوال ما انصرف إلا وهم قد أسفروا ودخلوا في الإسفار جداً.

الجواب الثالث: أنه شاذ، لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة المستفيضة المشهورة في الصحيحين وغيرهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الفجر بغلس.

قال ابن تيمية (أسفروا بالصبح) وَقَدْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ كَانَ مُعَارِضًا لَمْ يُقَاوِمْهَا، لِأَنَّ تِلْكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ، وَالْخَبَرُ الْوَاحِدُ إذَا خَالَفَ الْمَشْهُورَ الْمُسْتَفِيضَ كَانَ شَاذًّا.

الجواب الرابع: أنه منسوخ.

ويؤيده حديث أبي مسعود (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- غلّس بالصبح، ثم أسفر، ثم لم يَعُد إلى الإسفار حتى مات). رواه أبو داود.

قال ابن تيمية: وَقَدْ يَكُونُ مَنْسُوخًا؛ لِأَنَّ التَّغْلِيسَ هُوَ فِعْلُهُ حَتَّى مَاتَ وَفِعْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ. (مجموع الفتاوى: ٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>