٨٣٨ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اِسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرٍ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ " فَقَالَ: لَا، وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ اَلصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: لَا تَفْعَلْ، بِعِ اَلْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اِبْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا - وَقَالَ فِي اَلْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اِسْتَعْمَلَ رَجُلًا) وفي الرواية الأخرى (بعث أخا بني عدي من الأنصار إلى خيبر فأمّره عليها … ).
(عَلَى خَيْبَرٍ) بلدة معروفة.
(فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ) نوع من أعلى أنواع التمر.
(إِنَّا لَنَأْخُذُ اَلصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ) وفي رواية البخاري (إنا نشتري الصاع بالصاعين من الجمْع). قال النووي: الجمع تمر رديء.
(فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: لَا تَفْعَلْ) أي: لا تبيع الصاع بالصاعين، وفي الرواية الأخرى (ولكن مثلاً بمثل) أي: بيعوا الجنس الواحد بعضه ببعض متماثلاً في الكيل.
(بِعِ اَلْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ … ) أي: بع هذه التمر الردء بالدراهم، ثم اشتر بالدراهم جنيباً.
(وَقَالَ فِي اَلْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ) أي: مثل ما قال في المكيل من أنه لا يجوز بيع بعض الجنس منه ببعضه متفاضلا وان اختلفا في الجودة والرداءة، بل يباع رديئه بالدراهم ثم يشتري بهذا الجيد، والمراد بالميزان هنا الموزون.
• على ماذا يدل الحديث؟
الحديث يدل على تحريم التفاضل بين نوعي الجنس الواحد من الأشياء الربوية.
فاختلاف الجنس في الجودة والرداءة لا يؤثر في منع الربا.
قال الشوكاني: الحديث يدل على أنه لا يجوز بيع رديء الجنس بجيده متفاضلاً، وهذا أمر مجمع عليه، لا خلاف بين أهل العلم فيه.
وأما سكوت الرواة عن فسخ البيع المذكور فلا يدل على عدم الوقوع أما ذهولاً وإما اكتفاء بأن ذلك معلوم، وقد ورد في بعض طرق الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال هذا هو الربا فرده كما بنه على ذلك في الفتح. (نيل الأوطار).
مثال: لا يجوز أن تبيع (١٠٠) قمح جيد بـ (١١٠) رديء، لأنه ربا.
وقد جاء في حديث أبي سَعِيد قال (جَاءَ بِلَالٌ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مِنْ أَيْنَ هَذَا». فَقَالَ بِلَالٌ تَمْرٌ كَانَ عِنْدَنَا رَدِيءٌ فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَمِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ «أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا لَا تَفْعَلْ وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِىَ التَّمْرَ فَبِعْهُ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ) متفق عليه.
ففي هذا الحديث جاء بلال إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بتمر برني جيد، فتعجب النبي -صلى الله عليه وسلم- من جودته، فقال: من أين هذا، فقال بلال: كان عندنا تمر، فبعت الصاعين من الرديء بصاع من هذا الجيد، ليكون مطعم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعظم ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبر بلال بأن عمله هذا هو عين الربا، فلا تفعل ثم أرشده للطريقة الصحيحة، وهي إذا أراد استبدال رديء بجيد، أن يبيع الرديء بدراهم ثم اشتر بالدراهم تمراً جيداً.
قال النووي رحمه الله: قَوْله -صلى الله عليه وسلم- (أَوَّهْ عَيْن الرِّبَا) قَالَ أَهْل اللُّغَة: هِيَ كَلِمَة تَوَجُّع وَتَحَزُّن، وَمَعْنَى عَيْن الرِّبَا: أَنَّهُ حَقِيقَة الرِّبَا الْمُحَرَّم.
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
- شدة إكرام الصحابة للرسول -صلى الله عليه وسلم-.
- تحريم ربا الفضل.
- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب.
- تعظيم أمر الربا.
- وجوب إنكار المنكر.
- لا ذنب على الجاهل.
- ينبغي للعالم والمفتي إذا أخبر بتحريم شيء، أن يبين للناس أبواب الحلال التي تغني عن الحرام.
- عظم المعصية، وكيف بلغت من نفس النبي -صلى الله عليه وسلم-.