للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٦٦١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ (نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ اَلْوِصَالِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ تُوَاصِلُ؟ قَالَ: " وَأَيُّكُمْ مِثْلِي إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي ". فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ اَلْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا اَلْهِلَالَ، فَقَالَ: " لَوْ تَأَخَّرَ اَلْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ " كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

===

(نَهَى) النهي طلب الكف على وجه الاستعلاء.

• عرف الوصال؟

الوصال هو: صوم يومين فصاعداً من غير أكل وشرب بينهما. [قاله النووي].

وقال ابن قدامة: وهو أن لا يفطر بين اليومين بأكل ولا شرب.

وقال القاضي عياض: هو متابعة الصوم دون الإفطار بالليل.

وقال ابن الأثير: هو أن لا يُفْطِرَ يَوْمَيْن أو أيَّاماً.

• ما حكم الوصال؟

اختلف العلماء في حكم الوصال على أقوال:

القول الأول: أنه محرم.

وهو مذهب الجمهور.

قال ابن حجر: وذهب الأكثرون إلى تحريم الوصال.

أ-لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه كما جاء في حديث الباب (نهى عن الوصال).

ب-وفي رواية: (لا تواصلوا … ).

ج-ولابن خزيمة: (إياكم والوصال).

د-ومن الأدلة قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، فقد أفطر الصائم).

قال الحافظ ابن حجر: إذ لم يجعل الليل محلاً لسوى الفطر، فالصوم فيه مخالفة لوضعه كيوم الفطر.

القول الثاني: أنه جائز.

قال الحافظ ابن حجر: وقد ذهب إلى جوازه مع عدم المشقة، عبد الله بن الزبير، وروي أن أبى شيبة بإسناد صحيح عنه أنه كان يواصل خمسة عشر يوماً.

أ-مواصلة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه ولو كان حراماً ما أقرهم على فعله.

ب-إقدام الصحابة على الوصال بعد النهي، فدل هذا على أنهم فهموا أن النهي للتنزيه لا للتحريم وإلا لما أقدموا عليه.

ج-ومن الأدلة حديث عائشة قالت: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال رحمة لهم).

قال ابن حجر: ويدل على أنه ليس بمحرم ما أخرجه أبو داود وغيره من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من الصحابة قال (نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه) وإسناده صحيح، فإن الصحابي قد صرح بأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يحرم الوصال.

القول الثالث: أنه جائز إلى السحر والمبادرة بالفطر أفضل.

وهذا قول أحمد، وإسحاق، وابن المنذر، وابن خزيمة.

لحديث أبي سعيد عند البخاري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر).

ورجح هذا القول ابن القيم، وقال: وهذا القول أعدل الأقوال، أن الوصال يجوز من سحر إلى سحر، وهو أعدل الوصال وأسهله على الصائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>