للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعنى الحديث: كانوا في الجاهلية يضربون على الإماء ضرائب يكتسبها من فجورهن، ويلحقون الولد بالزاني إذا ادعاه.

فزنا عتبة بن أبي وقاص بأمَةٍ لزمعة بن الأسود، فجاءت بغلام، فأوصى عتبة إلى أخيه سعد بأن يلحق هذا الغلام بنسبه، فلما جاء فتح مكة، ورأى سعد الغلام، عرفه بشبهه بأخيه، فأراد استلحاقه، فاختصكم عليه هو، وعبد بن زمعة، فأدلى سعد بحجته، وهي: أن أخاه أقر بأنه ابنه، وبما بينهما من شبه.

فقال عبد بن زمعة: هو أخي، ولد من وليدة أبي، فنظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الغلام، فرأى فيه شبهاً بيّناً بعتبة، وحيث أن الأصل أنه تابع لمالك الأمّة، قضى به لزمعة، وقال: الولد للفراش وللعاهر الزاني الخيبة والخسار، لكن لما رأى شبه الغلام بعتبة، تورع النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يستبيح النظر إلى زوجته سودة، فأمرها بالاحتجاب منه احتياطاً وتورعاً.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: أن الولد يحكم بأنه للفراش إذا أمكن اللحاق به.

أ- لحديث الباب (اَلْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ اَلْحَجَرُ).

ب- ولحديث عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ (قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلَانًا ابْنِي عَاهَرْتُ بِأُمِّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لَا دَعْوَةَ فِي الإِسْلَامِ، ذَهَبَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَر) رواه أبو داود وحسنه ابن حجر.

قال ابن قدامة: أن المرأة إذا كانت فراشاً، أي متزوجة، وأتت بولد بعد ستة أشهر من زواجها، فإنه ينسب إلى الزوج، ولا ينتفي عنه إلا بملاعنته لزوجته. ولو ادعى رجل أنه زنى بالمرأة وأن هذا ابنه من الزنا، لم يلتفت إليه بالإجماع، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: الولد للفراش وللعاهر الحجر.

وقال: وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش رجل، فادعاه آخر. أنه لا يلحقه، وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش.

وهذا هو الأصل حفظاً للأنساب من الضياع فلو أن رجلاً غاب عن زوجته فولدت فالولد لاحق به مالم ينفه باللعان.

وقال ابن قدامة: حتى لو أن امرأة أتت بولد وزوجها غائب عنها منذ عشرين سنة لحقه ولدها. (المغني).

- مثال لا يمكن اللحاق به: كأن يتزوج شخص امرأة وولدت غلاماً بعد ثلاثة أشهر، فهذا لا يمكن أن يكون من هذا الزوج، لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر.

قال النووي: قوله (الولد للفراش) معناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة، صارت فراشاً له، فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد وصار ولداً يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة، سواء كان موافقاً له في الشبه أو مخالفاً ومدة إمكان كونه منه ستة أشهر من حين اجتماعهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>