٧٩٣ - وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ (جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ، فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعٍ أُوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي. فَقُلْتُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا. فَقَالَتْ لَهُمْ; فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ، وَرَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسٌ. فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ اَلْوَلَاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَ: خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ اَلْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا اَلْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي اَلنَّاسِ [خَطِيباً]، فَحَمِدَ اَللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اَللَّهِ - عز وجل - مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اَللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اَللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اَللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا اَلْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ (اِشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ اَلْوَلَاءَ).
===
(جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ) مشتقة من البرير، وهو ثمر الأراك، قيل: كانت لناس من الأنصار، وقيل: لناس من بني هلالة قاله ابن عبد البر، وكانت تخدم عائشة قبل أن تعتق.
(كَاتَبْتُ أَهْلِي) أي مواليها، والكتابة: شراء العبد نفسه من سيده.
(وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي) الولاء لغة من الولاية، وفي الشرع يطلق على عدة معان، منها: ولاء العتق، وهو أن الإنسان إذا أعتق عبداً صار عاصباً كعصوبة النسب تماماً.
(أَمَّا بَعْدُ) كلمة يؤتى بها عند الدخول في صلب الموضوع بعد المقدمة، وقول من يقول: يؤتى بها للانتقال من موضوع إلى موضوع، ضعيف.
(مَا بَالُ رِجَالٍ) أي: ما حالهم.
(يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً) الشروط في البيع: إلزام أحد المتعاقدين الآخر ما لا يلزمه بمقتضى العقد.
(مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اَللَّهِ) قال ابن بطال: المراد بكتاب الله هنا حكمه من كتابه أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو إجماع الأمة.
(وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ) قال القرطبي: خرج مخرج التكثير، يعني أن الشروط الغير مشروعة باطلة ولو كثرت، وقيل: المعنى لو شرط مائة مرة توكيداً فهو باطل، ويؤيده رواية (وإن شرط مائة مرة).
(قَضَاءُ اَللَّهِ أَحَقُّ) أي: بالاتباع من الشروط المخالفة له.
(وَشَرْطُ اَللَّهِ أَوْثَقُ) أي: باتباع حدوده التي حدها.
(وَإِنَّمَا اَلْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) أي: فالولاء لمن أعتق المملوك لا لمن باعه.
• كان في بريرة ثلاث سنن، اذكرها؟
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ (كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ: خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ، وَأُهْدِىَ لَهَا لَحْمٌ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدُمٍ مِنْ أُدُمِ الْبَيْتِ فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ، فَقَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ. فَقَالَ «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ». وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا: (إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَق) متفق عليه.
• ما هي الكتابة؟
الكتابة: هي شراء العبد نفسه من سيده.
• ما حكم الكتابة؟
مشروعة ومستحبة.
وقد أجمعت الأمة على مشروعية كتابة السيد لعبده.
قال تعالى (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً).