ومنهم ابن عبد البر إذ قال (حديث القتل منكر لا أصل له).
وهذا المسلك هو الذي تقتضيه قواعد النقد وأصول المنهج في البحث والله أعلم .... (الحدود عند ابن القيم).
المسلك الثاني: أن هذا الحديث جاء في حق رجل مستحق للقتل.
قال ابن القيم: ومنهم من يحسنه ويقول: هذا حكم خاص بذلك الرجل وحده لما علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المصلحة في قتله.
وقال ابن حجر: وقال بعضهم هو خاص بالرجل المذكور فكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- اطلع على أنه واجب القتل ولذلك أمر بقتله من أول مرة.
المسلك الثالث: أن هذا الحديث منسوخ.
وهذا محكي عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
حكاه ابن حجر، والآبادي، ومن قبلهما البيهقي رحمهم الله تعالى.
المسلك الرابع: حمل الحكم بقتله على أنه كان من المفسدين في الأرض.
حكى، الخطابي، وابن حجر، والآبادي، على أن هذا الحديث قد يخرج على مذاهب بعض الفقهاء، وهو أن يكون هذا من المفسدين في الأرض، فيكون هذا من باب العقوبة التعزيرية للمفسدين في الأرض، وهذا يعزى للإمام مالك رحمه الله تعالى.
• هل قال أحد بموجب الحديث؟
نعم.
قال ابن القيم: وطائفة ثالثة تقبله وتقول به، وأن السارق إذا سرق خمس مرات قتل في الخامسة وممن ذهب إلى هذا المذهب أبو مصعب من المالكية.
وقال ابن حجر: وقيل يقتل في الخامسة قاله: أبو مصعب الزهري المدني صاحب مالك.
وهذا المسلك مبني على القول بقبول الحديث وصحته.
• ما الذي يقطع من السارق أولاً؟
يقطع أولاً اليد اليمنى.
لقوله تعالى (فاقطعوا أيهما).
وقد روي عن ابن مسعود أنه قرأ: فاقطعوا أيمانهما.
قال ابن كثير: وهي قراءة شاذة، وإن كان الحكم عند جميع العلماء موافقاً لها، لا بها، بل هو مستفاد من دليل آخر.
وقال ابن قدامة: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ السَّارِقَ أَوَّلُ مَا يُقْطَعُ مِنْهُ، يَدُهُ الْيُمْنَى، مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ، وَهُوَ الْكُوعُ.
وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود (فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا) وَهَذَا إنْ كَانَ قِرَاءَةً وَإِلَّا فَهُوَ تَفْسِيرٌ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُمَا قَالَا: إذَا سَرَقَ السَّارِقُ، فَاقْطَعُوا يَمِينَهُ مِنْ الْكُوعِ. وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّ الْبَطْشَ بِهَا أَقْوَى، فَكَانَتْ الْبِدَايَةُ بِهَا أَرْدَعَ؛ وَلِأَنَّهَا آلَةُ السَّرِقَةِ، فَنَاسَبَ عُقُوبَتَهُ بِإِعْدَامِ آلَتِهَا. (المغني)
قال القرطبي: لا خلاف في أن اليمنى هي التي تقطع أولاً.