للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٧٣ - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (أَلْحَدُو ا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنِ نُصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَوَاهُ مُسْلِم.

٥٧٤ - وَلِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ، وَزَادَ: (وَرُفِعَ قَبْرُهُ عَنِ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّان.

===

(اللبن) ما ضرب من الطين يبنى به.

• عرف اللحد والشق؟

قال البهوتي: اللحد أن يحفر في أسفل حائط القبر مما يلي القبلة مكاناً يوضع فيه الميت.

والشق: أن يحفر في وسط القبر كالنهر ويبنى جانباه باللبن أو غيره.

• ما الأفضل في القبر اللحد أم الشق؟

اللحد أفضل، وهذا قول جمهور العلماء.

قال ابن قدامة: السُّنَّةُ أَنْ يُلْحَدَ قَبْرُ الْمَيِّتِ، كَمَا صُنِعَ بِقَبْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

أ- لحديث الباب

ب- وعن أنس قال: (لما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان بالمدينة رجل يلحد وآخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا ونبعث إليهما، فأيهما سبق تركناه، فأرسل إليهما، فسبق صاحب اللحد، فلحدوا النبي -صلى الله عليه وسلم- رواه ابن ماجه.

وجه الدلالة من الحديثين: أنه اللحد هو الذي فُعل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن ليختار الله لنبيه إلا الأفضل.

قال النووي في شرح حديث سعد: فيه استحباب اللحد ونصب اللبن، وأنه فعل ذلك برسول الله -صلى الله عليه وسلم- باتفاق الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد نقلوا أن عدد لبناته -صلى الله عليه وسلم- تسع.

ج-ولحديث ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اللحد لنا والشق لغيرنا) رواه أبو داود وهو حديث مختلف في صحته.

د - حديث جابر - وقد سبق - قال (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الرجلين في قتلى أحد ثم يقول (أيهم أكثر أخذاً للقرآن) فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد) رواه البخاري.

ففي هذا الحديث بيان فضيلة اللحد، لأنه الذي وقع دفن الشهداء فيه، مع ما كانوا فيه من الجهد والمشقة، فلولا مزيد فضيلة ما عانوه.

• ما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (اللحد لنا والشق لغيرنا)؟

اختلف العلماء في معنى قوله (لنا) و (غيرنا)؟

فقيل: (لنا) أي: هو الذي نؤثره - أيها المسلمون - ونعرفه، لأن العرب لم تكن تعرف غيره، و (لغيرنا) أي: من الأمم السابقة ويؤيد ذلك رواية (والشق لغيرنا من أهل الكتاب).

وقيل: اللحد لنا معشر الأنبياء، والشق جائز لغيرنا.

وقيل: يمكن أنه -صلى الله عليه وسلم- عنى بضمير الجمع نفسه، أي: أوثر لي اللحد، وهو إخبار عن الكائن فيكون معجزة

والصحيح الأول.

• متى يكون الشق أفضل؟

يكون أفضل إذا كانت الأرض رخوة، فهنا فالشق أفضل.

قال النووي: أجمع العلماء على أن الدفن في اللحد والشق جائزان، لكن إن كانت الأرض صلبة لا ينهار ترابها فاللحد أفضل، لما سبق من الأدلة، وإن كانت رخوة تنهار، فالشق أفضل.

وهذا قول الحنفية، والمالكية، والشافعية، فعند هؤلاء الشق أفضل إذا كان الأرض رخوة.

قال ابن عثيمين رحمه الله: ولكن إذا احتيج إلى الشق، فإنه لا بأس به، والحاجة إلى الشق إذا كانت الأرض رملية، فإن اللحد فيها لا يمكن؛ لأن الرمل إذا لحدت فيه انهدم، فتحفر حفرة، ثم يحفر في وسطها ثم يوضع لبن على جانبي الحفرة التي بها الميت؛ من أجل ألا ينهد الرمل، ثم يوضع الميت بين هذه اللبنات. (الشرح الممتع).

<<  <  ج: ص:  >  >>