للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٨١٧ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَا تَصُرُّوا اَلْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ اِبْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِمُسْلِمٍ: - فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ -.

وَفِي رِوَايَةٍ: - لَهُ، عَلَّقَهَا - اَلْبُخَارِيُّ (رَدَّ مَعَهَا صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، لَا سَمْرَاءَ) قَالَ اَلْبُخَارِيُّ: وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ.

٨١٨ - وَعَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ (مَنِ اِشْتَرَى شَاةً مَحَفَّلَةً، فَرَدَّهَا، فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ، وَزَادَ اَلْإِسْمَاعِيلِيُّ: مِنْ تَمْرٍ.

===

(لَا تَصُرُّوا اَلْإِبِلَ وَالْغَنَمَ) بضم التاء وفتح الصاد، أي: لا تجمعوا اللبن في ضرعها.

(فَمَنِ اِبْتَاعَهَا) أي: فمن اشتراها.

(بَعْدُ) أي: بعد التصرية.

(فَإِنَّهُ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ) أي: أحسن الرأيين.

• ما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (لا تَصُرُّوا اَلْإِبِلَ وَالْغَنَمَ)؟

قال النووي: مَعْنَاهُ لَا تَجْمَعُوا اللَّبَن فِي ضَرْعهَا عِنْد إِرَادَة بَيْعهَا حَتَّى يَعْظُم ضَرْعهَا فَيَظُنّ الْمُشْتَرِي أَنَّ كَثْرَة لَبَنهَا عَادَة لَهَا مُسْتَمِرَّة، وَمِنْهُ قَوْل الْعَرَب: صَرَيْت الْمَاء فِي الْحَوْض أَيْ جَمَعْته وَصَرَّى الْمَاء فِي ظَهْره أَيْ حَبَسَهُ فَلَمْ يَتَزَوَّج.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: تحريم تصرية الإبل والغنم، وكانوا يجمعون لبنها في ضرعها ليظن من رآها أنها كثيرة اللبن، فيشتريها بزيادة، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-.

• وهل مثل الإبل والغنم البقر وغيرها أم لا؟

نعم.

قال ابن قدامة: جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّصْرِيَةِ بَيْنَ الشَّاةِ وَالنَّاقَةِ وَالْبَقَرَةِ، وَشَذَّ دَاوُد، فَقَالَ: لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِتَصْرِيَةِ الْبَقَرَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ (لَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُمَا بِخِلَافِهِمَا، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ ثَبَتَ فِيهِمَا بِالنَّصِّ، وَالْقِيَاسُ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْأَحْكَامُ.

وَلَنَا عُمُومُ قَوْلِهِ (مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (مَنْ ابْتَاعَ مُحَفَّلَةً).

وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَلِأَنَّهُ تَصْرِيَةٌ بِلَبَنٍ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، أَشْبَهَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، وَالْخَبَرُ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى تَصْرِيَةِ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا أَغْزَرُ وَأَكْثَرُ نَفْعًا.

وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ. (المغني).

وقال الحافظ ابن حجر: لكن لم يذكر البقر لغلبتهما عندهم، وإلا فحكمهما سواء خلافاً لداود الظاهري. (قاله في الفتح)

وقال ولي الدين: الظاهر أن ذكر الإبل والغنم دون غيرهما، خرج مخرج الغالب فيما كانت العرب تصريه، وتبيعه، تدليساً وغشاً، فإن البقر قليل ببلادهم، وغير الأنعام لا يقصد لبنها غالباً، فلم يكونوا يصرون غير الإبل والغنم، وما خرج مخرج الغالب لا مفهوم له.

• ما الحكمة من التحريم؟

أولاً: لأن ذلك غش وخداع وتدليس وإيذاء للحيوان، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (من غشنا فليس منّا).

ثانياً: أن في ذلك ضرراً على الحيوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>