للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ما الحكم لو اشترط الوفاء بالأقل؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: لا يجوز اشتراط الوفاء بالأقل.

وهذا مذهب الحنابلة، واختاره ابن حزم.

أ- أن مقتضى القرض رد المثل، فإذا شرط النقصان عما أقرضه فقد شرط ما ينافي مقتضاه فلم يجز.

ب- القياس على اشتراط الزيادة.

القول الثاني: يجوز اشتراط الوفاء بالأقل.

لأن القرض شرع رفقاً بالمقترض، واشتراط الوفاء بالأقل منفعة للمقترض، ونفع المقترض لا يمنع منه.

وهذا الصحيح.

• ما حكم القرض إذا كان من المعلوم عن المقترض أنه يزيد في الوفاء؟

كره بعض الفقهاء ذلك.

وهذا قول الحنفية.

قالوا: إن المقرض إذا أقرض للمعروف بحسن القضاء، فإنه إنما فعل ذلك لأنه يطمع في حسن عادته.

والصحيح عدم الكراهة، ورجحه ابن قدامة.

قال ابن قدامة: وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِحُسْنِ الْقَضَاءِ، لَمْ يُكْرَهْ إقْرَاضُهُ.

وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَطْمَعُ فِي حُسْنِ عَادَتِهِ.

وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ مَعْرُوفًا بِحُسْنِ الْقَضَاءِ، فَهَلْ يَسُوغُ لَأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ إقْرَاضَهُ مَكْرُوهٌ، وَلِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بِحُسْنِ الْقَضَاءِ خَيْرُ النَّاسِ وَأَفْضَلُهُمْ، وَهُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِقَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَإِجَابَةِ مَسْأَلَتِهِ، وَتَفْرِيجِ كُرْبَتِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمَشْرُوطَةِ. (المغني).

• ما الحكم إذا أقرضه واشترط عليه الوفاء في بلد آخر؟

هذه المسألة لها صور:

الصورة الأولى: تمحض المنفعة للمقرض، حيث يكون غاية المقرض من اشتراط الوفاء في بلد غير بلد القرض نفع نفسه فقط، ليستفيد به سقوط خطر الطريق، الذي قد يتعرض له ماله، كما ينتفع المقرض - أيضاً - بإسقاء كراء الحمل فيما يحتاج حمله إلى مؤنة لنقله من بلد إلى آخر.

ففي هذه الحالة لا يجوز اشتراط الوفا في غير بلد القرض، وهذا بالإجماع.

لأن كل قرض جر نفعاً فهو ربا.

الصورة الثانية: تمحض المنفعة للمقترض، حيث يكون غاية المقرض من اشتراط الوفاء في غير بلد القرض نفع المقترض فقط.

وفي هذه الحالة: يجوز اشتراط الوفاء في غير بلد القرض، لأن هذا إرفاق مع إرفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>