٦٥٤ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (دَخَلَ عَلَيَّ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ. فَقَالَ: " هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ " قُلْنَا: لَا. قَالَ: " فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ " ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ، فَقُلْنَا: أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: "أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا" فَأَكَلَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
===
(أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ) بفتح الحاء، هو شيء يُتخذ من تمر وسمن وأقط.
• ماذا نستفيد من حديث عائشة؟
نستفيد: أن صوم النافلة يجوز من النهار.
لقوله (قَالَ: فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ).
قال النووي: الحديث دليل لمذهب الجمهور أن صوم النافلة يجوز بنية في النهار قبل الزوال. [قاله النووي]
وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يصح صوم التطوع بنية من النهار.
قال النووي: ويتأوله الآخرون على أن سؤاله -صلى الله عليه وسلم-: هل عندكم شيء؟ لكونه ضعف عن الصوم وكان نواه من الليل، فأراد الفطر للضعف، وهذا تأويل فاسد وتكلف بعيد.
• ماذا يشترط لمن نوى الصيام من النهار في صوم النفل؟
يشترط: أن لا يكون قد أكل شيئاً من بعد الفجر.
• وهل يشترط أن تكون النية قبل الزوال؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنه يشترط أن يكون قبل الزوال.
وهذا مذهب أبي حنيفة والمشهور من قولي الشافعي.
قالوا: لأن معظم النهار مضى من غير نية، بخلاف الناوي قبل الزوال، فإنه قد أدرك معظم العبادة.
القول الثاني: يجوز ولو بعد الزوال.
وهذا مذهب الحنابلة.
أ- لحديث الباب (فإني إذاً صائم).
وجه الاستدلال: أنّ حديث عائشة رضي الله عنها مطلق من غير فصل بين ما قبل الزوال وبعده، فدلَّ على أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صام بنية من النهار، ولا فرق بين أوَّله وآخره.
ب- قالوا، إنّه قول معاذ وابن مسعود وحذيفة، ولم ينقل عن أحد من الصّحابة - رضي الله عنهم ما يخالفه صريحاً.
قال ابن تيمية: واختلف قولهما - أي الشافعي وأحمد - هل يجزئ التطوُّع بنية بعد الزوال؟ والأظهر صحته، كما نقل عن الصحابة.
ج- ولأنّ النّيّة وجدت في جزء النّهار، فأشبه وجودها قبل الزّوال بلحظة.
د- قال الزركشي: لأنّ ما صحَّت النية في أوله صحَّت في آخره، كالليل.
وهذا الصحيح.