للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيثِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَبِيعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ، فَيَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا كَانَ خَوْفًا مِنْ تَلَفِ الثَّمَرَةِ، وَحُدُوثِ الْعَاهَةِ عَلَيْهَا قَبْلَ أَخْذِهَا؛ بِدَلِيلِ مَا رَوَى أَنَسٌ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَزْهُوَ.

قَالَ: أَرَأَيْت إذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَهَذَا مَأْمُونٌ فِيمَا يُقْطَعُ، فَصَحَّ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَبِيعَهَا مُطْلَقًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعًا وَلَا تَبْقِيَةً، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ.

وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.

وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.

ثم قال مرجحاً رأي الجمهور:

وَلَنَا: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَطْلَقَ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) فَيَدْخُلُ فِيهِ مَحَلُّ النزاع.

• متى يجوز بيع الثمار؟

يجوز بيع الثمر بعد بدو صلاحه، وبدو صلاحه جاء بيانه في بعض الأحاديث:

فقد جاء في حديث (حتى يزهو).

وفي رواية (حتى يبدو صلاحها).

وأجمع هذه الألفاظ حديث جابر (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تَطعَمَ).

وفي رواية (حَتَّى تَطِيبَ).

فالضابط أن يطيب أكله ويطهر نضجه.

قال النووي: بدو الصلاح يرجع إلى تغير صفة في الثمرة، وذلك يختلف باختلاف الأجناس، وهو على اختلافه راجع إلى شيء واحد مشترك بينها، وهو طيب الأكل. (المجموع).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الضابط يدور على إمكان أكلها واستساغته؛ لأنه إذا وصل إلى هذا الحد أمكن الانتفاع به، وقبل ذلك لا يمكن الانتفاع به إلا على كره، وهو أيضا إذا وصل هذه الحال من النضج قَلَّت فيه الآفات والعاهات. (الشرح الممتع)

• متى يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها؟

أولاً: إذا بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع في الحال.

قال ابن قدامة رحمه الله: القسم الثاني: أن يبيعها بشرط القطع في الحال، فيصح بالإجماع; لأن المنع إنما كان خوفاً من تلف الثمرة، وحدوث العاهة عليها قبل أخذها; بدليل ما روى أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهو. قال: أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟. رواه البخاري.

وهذا مأمون فيما يقطع، فصح بيعه كما لو بدا صلاحه.

ثانياً: إذا بيعت الثمرة مع أصلها، أو بيع الزرع مع الأرض، فلا يشترط بدو الصلاح في الثمر والزرع.

قال ابن قدامة رحمه الله: أَنْ يَبِيعَهَا مَعَ الْأَصْلِ، فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ.

لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ).

وَلِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا مَعَ الْأَصْلِ حَصَلَتْ تَبَعًا فِي الْبَيْعِ، فَلَمْ يَضُرَّ احْتِمَالُ الْغَرَرِ فِيهَا، كَمَا احْتَمَلَتْ الْجَهَالَةُ فِي بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ مَعَ بَيْعِ الشَّاةِ، وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ مَعَ التَّمْرِ، وَأَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ فِي بَيْعِ الدَّارِ. (المغني).

<<  <  ج: ص:  >  >>