على فرض صحة الحديث - وقد صححه ابن حبان، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حزم - فإنه يجاب عليه بجوابين:
أولاً: أنه لا يدل على تأخره، فإن أحاديث الدباغ مطلقة، فيجوز أن يكون بعضها قبل وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأيام، فتكون متأخرة عن حديث ابن عكيم فتنسخه، فتكون الرخصة بعد النهي عن ذلك.
ثانياً: أنه على فرض صحته، فيمكن أن يجمع بينه وبين أحاديث الطهارة بالدباغ، وذلك بحمل الإهاب على جلد الميتة قبل الدبغ، فيكون النهي في حديث ابن عكيْم عن الانتفاع بجلد الميتة قبل دبغه، أما بعد الدبغ فلا يسمى إهاباً، وإنما يقال له: جلداً أو قربة أو شناً أو أديماً أو نحو ذلك.
فالإهاب هو الجلد قبل دبغه، ولا يسمى إهاباً بعده، كما قال ذلك الخليل بن أحمد، والنضر بن شميل، وأبي داود السجستاني، والجوهري، وغيرهم.
وحمله على ذلك ابن عبد البر، والبيهقي.
فائدة: ما حكم صوف الميتة وشعرها؟
قال ابن تيمية: عظم الميتة وقرنها وظفرها وحافرها وشعرها وريشها طاهرات، وهو مذهب أبي حنيفة وقول في مذهب مالك وأحمد، وهو الصواب، لأن الأصل فيها الطهارة وليس فيها دم مسفوح، فهذه الأعيان لاتدخل فيما حرم الله في قوله:(حرمت عليكم الميتة) وهو قول جمهور السلف. (نيل المآرب البسام).