وقال النووي: قوله (عُقُوق الْأُمَّهَات) فَحَرَام، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاء، وَقَدْ تَظَاهَرَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة عَلَى عَدِّهِ مِنْ الْكَبَائِر، وَكَذَلِكَ عُقُوق الْآبَاء مِنْ الْكَبَائِر، وَإِنَّمَا اِقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الْأُمَّهَات لِأَنَّ حُرْمَتهنَّ آكَد مِنْ حُرْمَة الْآبَاء، وَلِهَذَا قَالَ -صلى الله عليه وسلم- حِين قَالَ لَهُ السَّائِل: مَنْ أَبَرّ؟ قَالَ: "أُمّك ثُمَّ أُمّك" ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة: "ثُمَّ أَبَاك". وَلِأَنَّ أَكْثَر الْعُقُوق يَقَع لِلْأُمَّهَاتِ، وَيَطْمَع الْأَوْلَاد فِيهِنَّ.
[ما معنى (عقوق الوالدين)؟]
أي عصيانهما، وقطع البرّ الواجب عنهما، وأصل العقّ: الشّقّ والقطع، ومنه قيل للذبيحة عن المولود: عقيقة؛ لأنه يُشقّ حلقومها. قاله الهرويّ، وغيره.
قال القرطبي: العقوق: مصدر عق، يعق، عقوقًا؛ أي: قطع وشقَّ. فكأنَّ العاقَّ لوالديه يقطع ما أمره الله تعالى به من صلتهما، ويشق عصا طاعتهما. ولا خلاف أن عقوقهما من أكبر الكبائر
ما معنى (وَوَأْدَ اَلْبَنَاتِ)؟
وهُوَ دَفْنهنَّ فِي حَيَاتهنَّ؛ فَيَمُتْنَ تَحْت التُّرَاب، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر الْمُوبِقَات، لِأَنَّهُ قَتْل نَفْس بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيَتَضَمَّن أَيْضًا قَطِيعَة الرَّحِم، وَإِنَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَى الْبَنَات، لِأَنَّهُ الْمُعْتَاد الَّذِي كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَفْعَلهُ.
ما معنى (وَمَنْعًا وَهَاتِ)؟
قال النووي: مَعنَاهُ: مَنْعُ مَا وَجَب عَلَيهِ، وَ «هَاتِ»: طَلَبُ مَا لَيْسَ لَهُ.
وقال القرطبي: ومعناهما واحد، وهو أن يمنع ما يجب عليه بذله، أو يطلب شيئًا يحرم عليه طلبه
قال الحافظ: الحاصل من النهي منع ما أُمر بإعطائه وطلب ما لا يستحق.
ما معنى قوله (وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ)؟
قال النووي: «قيلَ وَقالَ» مَعْنَاهُ: الحَديث بكُلّ مَا يَسمَعهُ، فيَقُولُ: قِيلَ كَذَا، وقَالَ فُلانٌ كَذَا مِمَّا لا يَعْلَمُ صِحَّتَهُ، وَلا يَظُنُّهَا، وَكَفَى بالمَرْءِ كذِبًا أَنْ يُحَدّثَ بكُلِّ مَا سَمِعَ.
وقال القرطبي: ومعناه أن الله تعالى حرَّم الخوض في الباطل، وفيما لا يعني من الأقوال، وحكايات أحوال الناس التي لا يسلم فاعلها من الغيبة، والنميمة، والبهتان، والكذب. و (من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كانت النار أولى به).
ما معنى (وَإِضَاعَةَ اَلْمَالِ)؟
قال النووي: «إضَاعَةُ المَال» تَبذِيرُهُ وَصَرفُهُ في غَيْرِ الوُجُوهِ المأذُونِ فِيهَا مِنْ مَقَاصِدِ الآخِرةِ وَالدُّنْيَا، وتَرْكُ حِفظِهِ مَعَ إمكَانِ الحِفظِ.
وقال في شرح مسلم: فَهُوَ صَرْفه فِي غَيْر وُجُوهه الشَّرْعِيَّة، وَتَعْرِيضه لِلتَّلَفِ.
قال ابن حجر: … تقدم أن الأكثر حملوه على الإسراف في الإنفاق وقيده بعضهم بالإنفاق في الحرام، والأقوى أنه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعاً سواء كانت دينية أو دنيوية فمنع منه، لأن الله تعالى جعل المال قياماً لمصالح العباد، وفي تبذيرها تفويت تلك المصالح إما في حق مضيعها، وإما في حق غيره، ويستثنى من ذلك كثرة انفاقه في وجوه البر لتحصيل ثواب الآخرة ما لم يفوت حقا أخروياً أهم منه.