للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٧٩٦ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ (نَهَى اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ فَضْلِ اَلْمَاءِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: (وَعَنْ بَيْعِ ضِرَابِ اَلْجَمَلِ).

٧٩٧ - وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ (نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ عَسْبِ اَلْفَحْلِ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِي.

===

(ضِرَابِ اَلْجَمَل) بكسر الضاد المعجمة.

(عَسْبِ اَلْفَحْلِ) بفتح العين وإسكان السين.

• ما معنى قوله (نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع فضل الماء)؟

معناه: النهي عن بيع الماء الفاضل عن حاجة الإنسان وحاجة عياله وماشيته، وأن الواجب بذل الزائد منه لمحتاجه، والمراد بذلك: ما كان في الفلاة من مورد ونحوه، وكذا نقع البئر والعين الجارية، لأن الناس شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار.

قال القرطبي في: وأما ماء الأنهار، والعيون، وآبار الفيافي، التي ليست بمملوكة: فالاتفاقُ حاصلٌ: على أن ذلك لا يجوزُ منعه، ولا بيعه، ولا يشك في تناول أحاديث النهي لذلك.

وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَإِ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ).

قال الخطابي: معناه الْكَلَأ الَّذِي يَنْبُت فِي مَوَات الْأَرْض يَرْعَاهُ النَّاس لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْتَصّ بِهِ دُون أَحَد أَوْ يَحْجُرهُ عَنْ غَيْره، … وَأَمَّا الْكَلَأ إِذَا كَانَ فِي أَرْض مَمْلُوكَة لِمَالِك بِعَيْنِهِ فَهُوَ مَال لَهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُشْرِكهُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِه.

• ما حكم بيع الماء إذا حازه الإنسان في خزانه أو في قربة؟

جائز.

قياساً على جواز بيع الحطب إذا أحرزه الحاطب كما في قوله -صلى الله عليه وسلم- (لأن يَأخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتي بحُزْمَةِ حَطَبٍ على ظَهْرِهِ فيبيعها فَيكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهَ خَيْرٌ لَهُ منْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ) رواه البخاري

قال ابن قدامة: وأما ما يحوزه من الماء في إنائه فإنه يملكه بذلك وله بيعه بلا خلاف بين أهل العلم … وعلى ذلك مضت العادة في الأمصار ببيع الماء في الروايا من غير نكير، وليس لأحد أن يشرب منه ولا يتوضأ ولا يأخذ إلا بإذن مالكه.

وسئل الشيخ الفوزان حفظه الله: هل يجوز بيع الماء؟ ومتى؟

فأجاب: في ذلك تفصيل: إذا كان حاز الماء في وعائه أو بركته فإنه يملكه ويجوز له أن يبيعه؛ لأنه حازه واستولى عليه وتعب في تحصيله، فصار ملكًا له، أما إذا كان الماء باقيًا في البئر أو في النهر أو في المجرى الذي يجري في ملكه فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، والصحيح أنه لا يجوز له بيعه، بل يكون هو أولى بالانتفاع به من غيره، وليس له أن يمنع الآخرين من الانتفاع به انتفاعًا لا يضره هو ولا يضر في ملكه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع فضل الماء.

الخلاصة: بيع الماء لا يخلو من حالتين:

الحال الأولى: أن يكون الماء في بئر أو نهر عام ليس ملكاً لأحد، فهذا لا يجوز بيعه.

لما روى أبو داود أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال (الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَإِ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ).

قال في "عون المعبود: الْمُرَاد الْمِيَاه الَّتِي لَمْ تَحْدُث بِاسْتِنْبَاطِ أَحَد وَسَعْيه كَمَاءِ الْآبَار وَلَمْ يُحْرَز فِي إِنَاء أَوْ بِرْكَة أَوْ جَدْوَل مَأْخُوذ مِنْ النَّهَر، وَالْكَلَأ: وَهُوَ النَّبَات رَطْبه وَيَابِسه.

الحال الثانية: أن يكون الماء في ملك الشخص، وهو الذي أخرجه وحازه في ملكه، فهذا يجوز له أن يبعه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع: أما إذا ملكه وحازه وأخرجه ووضعه في البركة، فإنه يجوز بيعه؛ لأنه صار ملكاً له بالحيازة " انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>