وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: والعمد فيه ثلاثة حقوق:
الأول: حق الله، وهذا يسقط بالتوبة
الثاني: حق أولياء المقتول، ويسقط بتسليم نفسه لهم
الثالث: حق المقتول، وهذا لا يسقط؛ لأن المقتول قد قتل وذهب، ولكن هل يؤخذ من حسنات القاتل، أو أن الله تعالى بفضله يتحمل عنه؟ الصواب: أن الله بفضله يتحمل عنه إذا علم صدق توبة هذا القاتل. (الشرح الممتع).
وقال الشوكاني: والتوبة النافعة ههنا هي الاعتراف بالقتل عند الوارث، إن كان له وارث، أو السلطان إن لم يكن له وارث، والندم على ذلك الفعل، والعزم على ترك العود إلى مثله، لا مجرد الندم والعزم بدون اعتراف وتسليم للنفس أو الدية إن اختارها مستحقها؛ لأن حق الآدمي لا بد فيه من أمر زائد على حقوق الله، وهو تسليمه، أو تسليم عوضه، بعد الاعتراف به.
(نيل الأوطار).
• فإن قيل ما الجواب عن قوله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)؟
قيل: إن الآية على ظاهرها، لكن قد يوجد مانع يمنع من ذلك.
وهذا اختيار النووي، وابن تيمية، وابن القيم، والسفاريني، والسعدي.
وقيل: إن هذا جزاؤه إن جازاه.
وهذا اختيار الطبري، والشنقيطي، واستحسنه ابن كثير.
قال الطبري: وَأَوْلَى الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ إِنْ جَزَاهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، وَلَكِنَّهُ يَعْفُو أَوْ يَتَفَضَّلُ عَلَى أَهْلِ الإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، فَلَا يُجَازِيهِمْ بِالْخُلُودِ فِيهَا، وَلَكِنَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ إِمَّا أَنْ يَعْفُوَ بِفَضْلِهِ فَلَا يُدْخِلُهُ النَّارَ، وَإِمَّا أَنْ يُدْخِلَهُ إِيَّاهَا ثُمَّ يُخْرِجَهُ مِنْهَا بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ لِمَا سَلَفَ مِنْ وَعْدِهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا).
وقيل: إن هذا وعيد، وإخلاف الوعيد لا يذم بل يمدح.
وذهب إلى هذا الواحدي.
وقيل: حمل الآية على عمومها، وتفسير الخلود بمعنى: المكث الطويل، اعتماداً على ما ورد في كلام العرب من إطلاق الخلود على غير معنى التأبيد، كقولهم: لأخلدن فلاناً في السجن، وقولهم: خلد الله ملكه.
ورجح هذا القول ابن حزم، ومحمد رشيد رضا، وابن عثيمين، وذهب إليه الرازي، وأبو السعود.
وقيل: إن الآية للتشديد والتخويف والتغليظ في الزجر عن قتل المؤمن.
وقيل: إن هذه الآية في القاتل المستحل.
وقال بهذا عكرمة.