٩٦٣ - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ اَللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ; زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ) رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ.
٩٦٤ - وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي اَلدَّرْدَاءِ.
٩٦٥ - وَابْنُ مَاجَهْ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، لَكِنْ قَدْ يَقْوَى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
===
• ما صحة حديث الباب؟
هذه الأحاديث كلها ضعيفة لا تصح.
لكن كما قال الحافظ باجتماعها قد تتقوى.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: استحباب الوصية، لكن تقدم أن ذلك لمن ترك خيراً كثيراً.
قال ابن قدامة: وَتُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مِنْ الْمَالِ لِمَنْ تَرَكَ خَيْرًا.
لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ)
فَنُسِخَ الْوُجُوبُ، وَبَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَرِثُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (يَا ابْنَ آدَمَ، جَعَلْت لَكَ نَصِيبًا مِنْ مَالِكِ حِينَ أَخَذْت بِكَظْمِك، لِأُطَهِّركَ وَأُزَكِّيَكَ).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ) رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ، فَلَمْ يَجُرْ، وَلَمْ يَحُفَّ، كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ مَا لَوْ أَعْطَاهَا وَهُوَ صَحِيحٌ.
وَأَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ وَرَثَةٌ مُحْتَاجُونَ، فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي الْوَصِيَّةِ (إنْ تَرَكَ خَيْرًا).
وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِسَعْدٍ (إنَّك أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ).
وَقَالَ (ابْدَأْ بِنَفْسِك، ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ).
وَقَالَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- لِرَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ: إنَّك لَنْ تَدَعَ طَائِلًا، إنَّمَا تَرَكْت شَيْئًا يَسِيرًا، فَدَعْهُ لِوَرَثَتِكَ. (المغني).
• ما القدر الذي لا يستحب معه الوصية؟
قال ابن قدامة: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي لَا تُسْتَحَبُّ لِمَالِكِهِ.
فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: إذَا تَرَكَ دُونَ الْأَلْفِ لَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ.
وَعَنْ عَلِيٍّ، أَرْبَعمِائَةِ دِينَارٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَا يُوصِي.
وَقَالَ: مَنْ تَرَكَ سِتِّينَ دِينَارًا، مَا تَرَكَ خَيْرًا.
وَقَالَ طَاوُسٌ: الْخَيْرُ ثَمَانُونَ دِينَارًا.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْقَلِيلُ أَنْ يُصِيبَ أَقَلُّ الْوَرَثَةِ سَهْمًا خَمْسُونَ دِرْهَمًا.
وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي، أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَتْرُوكُ لَا يَفْضُلُ عَنْ غِنَى الْوَرَثَةِ، فَلَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّلَ الْمَنْعَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ (أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً).
وَلِأَنَّ إعْطَاءَ الْقَرِيبِ الْمُحْتَاجِ خَيْرٌ مِنْ إعْطَاءِ الْأَجْنَبِيِّ، فَمَتَى لَمْ يَبْلُغْ الْمِيرَاثُ غِنَاهُمْ، كَانَ تَرْكُهُ لَهُمْ كَعَطِيَّتِهِمْ إيَّاهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِغَيْرِهِمْ، فَعِنْدَ هَذَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِي كَثْرَتِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ، وَغِنَاهُمْ وَحَاجَتِهِمْ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ. (المغني).