٩١٨ - وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.
٩١٩ - وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ، وَهُوَ فِي اَلْمُوَطَّإِ مُرْسَلٌ.
===
• ما صحة حديث الباب؟
هذا الحديث جاء من عدة طرق.
حسن الحديث بمجموع طرقه: النووي، وابن الصلاح، وابن رجب، وابن الملقن.
وضعفه: ابن حزم، وابن عبد البر، والذهبي.
قال ابن عبد البر: وأما معنى هذا الحديث فصحيح في الأصول.
وقال ابن حزم: هذا خبر لا يصح.
• اذكر بعض الآيات التي تدل على ما دل عليه هذا الحديث؟
قاله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).
وقال تعالى (لا تضار والدة بولدها).
وقال تعالى (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن).
وقال تعالى (ولا يضار كاتب ولا شهيد).
وقال تعالى (أو دين غير مضار).
وقال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) وغير ذلك كثير من الآيات والأحاديث الدالة على معنى هذه القاعدة.
• ما معنى (لا ضرر ولا ضرار)؟
اختلفت عبارات العلماء في الفرق ما بين الضرر والضرار.
فقيل: إن الضرر والضرار واحد، لكن كرر للتأكيد، فالضرر والضرار بمعنى واحد، وهو إيصال الأذى للغير. وقيل: الضرر أن يضر الرجل أخاه، والضرار: أن يضر كل واحد منهما صاحبه.
وقيل: الضرر إلحاق الإنسان مفسدة بغيره ابتداء، وأما الضرار فهو إلحاق الإنسن مفسدة بمن أضرَّ به على سبيل المجازاة على وجه غير جائز.
وقيل: الضرر: ما كان عن غير قصد، والضرار: ما كان عن قصد.
مثال ذلك: إنسان عنده شجرة في بيته يسقيها فانتشرت الرطوبة إلى بيت جاره بدون قصد، هذا نقول فيه: ضرر.
وإنسان آخر غرس شجرة وصار يسقيها من أجل أن ينتشر الماء والرطوبة إلى بيت جاره فيتأذى به، هذا ضرار، وكلاهما منفي شرعاً، فالضرر يزال وإن لم يقصد، والمضارة تزال وعليه إثم القصد. (اختاره ابن عثيمين).
وقيل: الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع به أنت، والضرار، ما تضر به صاحبك من غير أن تنتفع به.
وهذا قول عدد من المحققين منهم العلامة ابن الصلاح، وقبله ابن عبد البر وجماعة من أهل العلم، وهذا التعريف أولى وأظهر لعدة أمور:
منها: أن فيه تفريقاً بين الضرر والضرار، والأصل في الكلام التأسيس لا التأكيد.
والثاني: أن لفظ الضرر يختلف عن لفظ الضرار، في أن الضرر ظاهر منه أن الموصل لهذا الضرر منتفع به، وأما المضار بالشيء، فإنه غير منتفع به لمعنى المفاعلة في ذلك، وهذا -أيضاً- يعني: من جهة اللغة بين.