للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• هل تسن خطبة الحاجة في بداية التأليف والتصنيف والمراسلات؟

اختلف العلماء في " خطبة الحاجة " ومشروعيتها في بداية التأليف والتصنيف أو المراسلات بين الناس، وذلك على قولين:

القول الأول: " خطبة الحاجة " ليست سنة في ابتداء الكتابة والتأليف

يقول ابن علان رحمه الله: الخطبة المعروفة من خطبة الجمعة والعيد ونحوهما، وخطبة الحاجة ونحوها؛ لأنها المعهودة في عهد الشارع، دون خطب نحو الكتب، وقد ترك الإتيان بها - أي بالشهادة - الترمذي في جامعه وشمائله، وكذا أبوداود، وهما راويا الحديث، فدل صنيعهما على تخصيصه بما ذكر

ويقول الملا علي القاري رحمه الله: لما ترك أكثر المصنفين العمل بظاهر هذا الحديث (كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء) دل على أن ظاهره غير مراد، فيؤول بأحد التأويلات، والأظهر عندي أن تحمل الخطبة في هذا الحديث على الخطب المتعارفة في زمانه -صلى الله عليه وسلم- أيام الجمع والأعياد وغيرها، فإن التصنيف حدث بعد ذلك.

واستدلوا:

الدليل الأول: كُتب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الملوك والأمراء ليس فيها البداءة بهذه الخطبة، كما أنه عليه الصلاة والسلام في كثير من كتبه التي أمر بكتابتها للمسلمين في بيان الصدقات والديات وغيرها لم يأمر ببداءتها بخطبة الحاجة، وليس فيها الحمد والتشهد، وإنما فقط البسملة.

يقول ابن حجر رحمه الله: جمعت كتب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الملوك وغيرهم، فلم يقع في واحد منها البداءة بالحمد، بل بالبسملة.

الدليل الثاني: أن أحداً من أهل العلم المصنفين في الحديث كالبخاري، ومسلم، وأحمد بن حنبل أو الفقه كالشافعي، أو التفسير أو علوم القرآن أو النحو، كلهم لم نجد أحداً منهم يبتدئ كتابه بخطبة الحاجة، كما لم نقف على من يذكر خطبة الحاجة في كتب الآداب، أو يقرر استحبابها في التأليف والمراسلات، وإنما يذكرونها في كتاب " النكاح " فحسب، فإذا كان ذلك سنة فكيف تغيب عن علماء الإسلام الذين هم مادته وقوامه؟

يقول ابن حجر رحمه الله " تصانيف الأئمة من شيوخ البخاري، وشيوخ شيوخه، وأهل عصره، كمالك في الموطأ، وعبد الرزاق في المصنف، وأحمد في المسند، وأبي داود في السنن، إلى ما لا يحصى ممن لم يقدم في ابتداء تصنيفه خطبة، ولم يزد على التسمية، وهم الأكثر، والقليل منهم من افتتح كتابه بخطبة .... أو يحمل على أنهم رأوا ذلك مختصاً بالخطب دون الكتب، كما تقدم، ولهذا من افتتح كتابه منهم بخطبة حمد وتشهد كما صنع مسلم … وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالبسملة، وكذا معظم كتب الرسائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>