للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٩٤ - وَعَنْ أَمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

===

(تَقْتُلُ عَمَّارًا) يعني عمار بن ياسر، وقد توفي في صفين سنة ٣٧ مع علي بن أبي طالب، قتله جيش معاوية.

(الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ) المقصود جيش معاوية ومن معه.

والحديث جاء في الصحيحين من حديث أَبِي سَعِيدٍ - في قصة بناء المسجد - وفيه، فَقَالَ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ: وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ، قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ).

• على ماذا يدل حديث الباب؟

الحديث دليل على فضل عمار بن ياسر وأنه على الحق، وأن علي بن أبي طالب كان مصيباً في حربه مع معاوية.

تنبيه: فهم العلماء لحديث لباب.

قال ابن حجر: وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة، وفضيلة ظاهرة لعلي وعمار، وردٌّ على النواصب الزاعمين أن عليًّا لم يكن مصيباً في حروبه.

وقال أيضاً: دل الحديث (تقتل عمارًا الفئة الباغية) على أن عليًّا كان المصيب في تلك الحروب؛ لأن أصحاب معاوية قتلوه.

وقال النووي: وكانت الصحابة يوم صفين يتبعونه حيث توجه لعلمهم بأنه مع الفئة العادلة لهذا الحديث.

وقال ابن كثير: كان علي وأصحابه أدنى الطائفتين إلى الحق من أصحاب معاوية، وأصحاب معاوية كانوا باغين عليهم، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث شعبة عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: حدثني من هو خير مني - يعني أبا قتادة - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعمار (تقتلك الفئة الباغية).

وقال أيضًا: وهذا مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنهما مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قتله أهل الشام، و بان وظهر بذلك سر ما أخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أنه تقتله الفئة الباغية، وبان بذلك أن عليًّا محق، وأن معاوية باغ، وما في ذلك من دلائل النبوة.

وقال الذهبي: هم طائفة من المؤمنين، بغت على الإمام علي، وذلك بنص قول المصطفى صلوات الله عليه وسلامه لعمار: تقتلك الفئة الباغية.

وقال ابن تيمية: وهذا يدل على صحة إمامة علي ووجوب طاعته، وأن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة، والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار - وإن كان متأولاً - وهو دليل على أنه لم يكن يجوز قتال علي، وعلى هذا فمقاتله مخطئ - وإن كان متأولاً - أو باغ - بلا تأويل - وهو أصح القولين لأصحابنا، وهو الحكم بتخطئة من قاتل عليًا، وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين.

وقال أيضاً: مع أن عليًّا أولى بالحق ممن فارقه، ومع أن عمارًا قتلته الفئة الباغية - كما جاءت به النصوص - فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله، و لا يكون لنا هوى، و لا نتكلم بغير علم، بل نسلك سبل العلم العدل، وذلك هو اتباع الكتاب و السنة، فأما من تمسك ببعض الحق دون البعض، فهذا منشأ الفرقة والاختلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>