للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• متى يكون الدفع من مزدلفة إلى منى؟

يسن للحاج أن يدفع من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس من يوم العيد.

قال ابن قدامة: لا نعلم خلافاً في أن السنة الدفع قبل طلوع الشمس.

قال ابن القيم: أجمع المسلمون على أن الإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشمس سنة.

لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومخالفة لأهل الجاهلية.

وَعَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ (إِنَّ اَلْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ وَأَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- خَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.

[لا يفيضون] أي من جمع كما جاء في رواية [أشرق] أي من الإشراق، أي أدخل في الشروق، والمعنى: لتطلع عليه الشمس، [ثبير] جبل معروف هناك، وهو على يسار الذاهب إلى منى، وهو أعظم جبال مكة، [ثم أفاض] أي النبي -صلى الله عليه وسلم-، والدليل على أن المراد هو النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما جاء في رواية أبي داود الطيالسي: (فخالفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فأفاض) وفي حديث جابر عند مسلم: ( … فدفع قبل أن تطلع الشمس).

• ففي هذا الحديث أن السنة في الإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشمس.

لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومخالفة المشركين، فإنهم كانوا يبقون في مزدلفة صبح يوم النحر حتى تشرق الشمس، ثم يفيضون إلى منى، ففي هذا الحديث تأكد الإفاضة من مزدلفة وقت الإسفار قبل طلوع الشمس.

• أن من تأخر عامداً فقد أساء وخالف هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما من تعذر عليه ذلك بعد أن أخذ في الإفاضة ولكن عاقه المسير لشدة زحام، أو خلل في مركوبه، أو نحو ذلك فهو معذور.

• ما الحكمة من إسراع النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أتى على وادي محسر؟ (وادي محسر هو وادٍ بين مزدلفة ومنى لا من هذه ولا من هذه).

اختلف العلماء لماذا أسرع في وادي محسر:

قيل: هذا أمر تعبدي.

وقيل: لأن الله أهلك فيه أصحاب الفيل فينبغي للإنسان أن يسرع إذا مرّ بأراضي العذاب.

وهذا تعليل عليل لأمرين:

أ- لأن أصحاب الفيل لم يهلكوا هنا، بل في مكان يقال له [المُغَمّس] حول الأبطح.

ب- أنه لا يشرع الإسراع للذاهب، ولا يشرع الإسراع لغير القادم من مزدلفة، فلو كان على ما ذكروا لشرع الإسراع لكل من مرّ به، وهم لا يقولون بهذا.

وقيل: لأنهم كانوا في الجاهلية يقفون في هذا الوادي ويذكرون أمجاد آبائهم، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخالفهم، كما خالفهم في الخروج من عرفة، وفي الإفاضة من مزدلفة. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>