١٧٩ - وَعَنْ أَنَسِ [بْنِ مَالِكٍ]-رضي الله عنه- قَالَ: (أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ اَلْآذَانَ، وَيُوتِرَ اَلْإِقَامَةَ، إِلَّا اَلْإِقَامَةَ، يَعْنِي قَوْلَهُ: قَدْ قَامَتِ اَلصَّلَاةُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ اَلِاسْتِثْنَاءَ.
وَلِلنَّسَائِيِّ: (أَمَرَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِلَالاً).
===
(أُمِرَ بِلَالٌ) هو ابن رباح الحبشي، أسلم بمكة قديماً، شهد بدراً وما بعدها، وتولى الأذان في المدينة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتناوب مع ابن أم مكتوم، شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، ترك الأذان بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- ومات بالشام عام ٢٠ هـ.
(أن يَشْفَعَ اَلْآذَانَ) أي أن يأتي به مثنى. قال الحافظ: لكن لم يختلف أن كلمة التوحيد التي في آخره مفردة، فيحمل قوله: مثنى، على ما سواها، فتكون أحاديث تشفيع الأذان وتثنيته مخصصة بالأحاديث التي ذكرت فيها كلمة التوحيد مرة واحدة كحديث عبد الله بن زيد.
(وَيُوتِرَ اَلْإِقَامَةَ) أي يأتي بها وتراً. وقد استشكل: عدم استثناء التكبير في الإقامة فإنه يثنى كما في حديث عبد الله بن زيد، وأجيب: بأنه وتر بالنسبة إلى تكبير الأذان، فإن التكبير في أول الأذان أربع.
(إِلَّا اَلْإِقَامَةَ): يعني إلا لفظ: قد قامت الصلاة، فإنه لا يوترها بل يثنيها.
• قول أنس (أمِرَ بلال .. ) من الذي أمره؟
الذي أمره الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويدل لذلك:
أ-رواية النسائي (أَمَرَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِلَالاً … ).
ب-أن هذه الصيغة (أمر، أمرنا، نهينا) لها حكم الرفع.
قال النووي: هذا هو الصواب الذي عليه جمهور العلماء من الفقهاء وأصحاب الأصول وجميع المحدثين، وشذ بعضهم فقال: هذا اللفظ وشبهه موقوف لاحتمال أن يكون الآمر غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا خطأ، والصواب أنه مرفوع، لأن إطلاق ذلك ينصرف إلى صاحب الأمر والنهي، وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومثل هذا اللفظ قول الصحابي: أمرنا بكذا ونهينا عن كذا.
• كم عدد ألفاظ الإقامة؟
اختلف العلماء على أقوال:
القول الأول: أن عدد ألفاظ الإقامة (إحدى عشرة جملة) [ما عدا التكبير في أولها وآخرها وقول: قد قامت الصلاة، فهي مثنى].
وهذا مذهب الشافعية والحنابلة.
أ-لحديث عبد الله بن زيد في رؤيا الأذان وفيه ( … ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ، قَالَ: وَتَقُولُ: إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ .. ).
ب- لحديث الباب (أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ اَلْآذَانَ، وَيُوتِرَ اَلْإِقَامَةَ … ).
فقوله (وَيُوتِرَ اَلْإِقَامَةَ) معناه: يأتي بها وتراً ولا يثني بخلاف الأذان.
القول الثاني: أن عدد ألفاظها (سبع عشرة جملة) [التكبير في أولها أربعاً، وبقية ألفاظها مثنى ما عدا: لا إله إلا الله].
وهذا قول الحنفية.
عن أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ (عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه) رواه أبو داود.