للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنواع الصدقات الجارية وأمثلتها كثيرة، منها: بناء المساجد، وغرس الأشجار، وحفر الآبار، وطباعة المصحف وتوزيعه، ونشر العلم النافع بطباعة الكتب والأشرطة وتوزيعها.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ) رواه ابن ماجه قال المنذري: إسناده حسن.

د-ولحديث عمر الآتي، فقد أشار عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأحسن طرق الصدقات، وهو الوقف.

قال ابن حجر: وحديث عمر هذا أصل في مشروعية الوقف.

هـ- قال جابر: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنده مقدرة إلا وقف.

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم شرحه لحديث الباب: قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ عَمَل الْمَيِّت يَنْقَطِع بِمَوْتِهِ، وَيَنْقَطِع تَجَدُّد الْثوَاب لَهُ، إِلا فِي هَذِهِ الأَشْيَاء الثَّلاثَة; لِكَوْنِهِ كَانَ سَبَبهَا; فَإِنَّ الْوَلَد مِنْ كَسْبه، وَكَذَلِكَ الْعِلْم الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيم أَوْ تَصْنِيف، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة الْجَارِيَة، وَهِيَ الْوَقْف.

فإذا كان لا ينتفع به على سبيل الدوام فلا يصح وقفاً.

مثال: الطعام، لا يصح وقفه، لأنه ينفد.

فلو قلت: هذه الخبز وقف لله تعالى على الجائعين، فهذا لا يصح وقفاً، وتكون صدقة.

لو وقّف حماراً مقطع الأرجل، فإنه لا يصح، لأنه لا ينتفع به.

• بما ينعقد الوقف؟

ينعقد بالصيغة القولية، والصيغة الفعلية.

أولاً: الصيغة القولية.

قال في المغني: وَأَلْفَاظُ الْوَقْفِ سِتَّةٌ، ثَلَاثَةٌ صَرِيحَةٌ، وَثَلَاثَةٌ كِنَايَةٌ.

فَالصَّرِيحَةُ: وَقَفْت، وَحَبَسْت، وَسَبَّلْت.

مَتَى أَتَى بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ، صَارَ وَقْفًا مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ أَمْرٍ زَائِدٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ ثَبَتَ لَهَا عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ بَيْنَ النَّاسِ، وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ عُرْفُ الشَّرْعِ، بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لِعُمَرَ (إنْ شِئْت حَبَسْت أَصْلَهَا، وَسَبَّلْت ثَمَرَتَهَا).

فَصَارَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ فِي الْوَقْفِ كَلَفْظِ التَّطْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ

وأما الكناية: تصدقت، حرمت، أبدت.

فهذه لا يحصل بها الوقف إلا بشروط:

الشرط الأول النية، فيكون على ما نوى.

الثاني: أن ينضم إليها أحد الألفاظ الخمسة.

مثال: تصدقت بداري صدقة موقوفة.

تصدقت بهذه الدار محبسة.

الثالث: أن يصفها بصفات الوقف.

فيقول: تصدقت بهذا البيت صدقة لا تباع [الذي لا يباع هو الوقف].

ثانياً: الصيغة الفعلية.

أن يبني مسجداً ويأذن للناس في الصلاة فيه، فهذا يكون وقفاً، لأن هذا الفعل منه يدل على ذلك، ولا يشترط أن يقول هذا وقف، لأن فعله يدل على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>