• بماذا أجاب اصحاب القول الثاني عن حديث (فلا تختلفوا عليه)؟
أجابوا: المقصود لا تختلفوا عليه في الأفعال الظاهرة لا النيات، كما سبق شرحه في حديث سبق.
قال السعدي: وأما تعليل المانعين بأن المأموم إذا نوى صلاته فرض والإمام نواها نفلاً، أن ذلك اختلاف يدخل تحت قوله -صلى الله عليه وسلم- (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا) فليس الأمر كما ذكروا لوجهين:
أحدهما: أن مراده -صلى الله عليه وسلم- بالاختلاف المكور مخالفةٌ بالأفعال، كمسابقة الإمام، أو التخلف عنه، وليس مراده بذلك مخالفته النية، وبقية الحديث يوضحه جداً، فإنه قال فيه بعد قوله (فلا تختلفوا علي): فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا … وهذا ظاهر.
الوجه الثاني: أنهم أجازوا النفل خلف الفرض، وهذا مخالفة في النية، فدل على أن هذا المعنى غير معتبر.
• بماذا أجاب أصحاب القول الأول عن حديث معاذ، اذكر أجوبتهم مع الرد عليها؟
أجابوا بأجوبة ضعيفة:
منها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعلم بذلك.
والجواب على هذا من وجهين:
أولاً: إن كان قد علم فهو المطلوب.
ثانياً: وإن لم يعلم فإن الله تعالى قد علم فأقره، ولو كان هذا أمراً لا يرضاه الله لم يقره على فعله. (الشرح الممتع)
ومنها: أنه يحتمل أن معاذاً كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فريضة ويحتمل أنه يصلي نافلة، وليس أحد الاحتمالين أولى من الآخر.
والجواب على هذا:
أولاً: أن هذا مخالف لصريح الرواية (هي له تطوع ولهم مكتوبة).
ثانياً: أنه لا يجوز أن يظنّ بمعاذ مع كمال فقهه وعلو مرتبته أن يترك فعل فريضة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي مسجده، والجمع الكثير المشتمل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى كبار المهاجرين والأنصار ويؤديها في موضع آخر، ويستبدل بها نافلة.
وهذه أجوبة ضعيفة غير ناهضة.
قال النووي: وكل هذه التأويلات دعاوى لا أصل لها، فلا يُترك ظاهر الحديث بها.
وقال ابن رجب: ولم يظهر عنه (يعني حديث معاذ) جواب قوي، فالأقوى جواز اقتداء المفترض بالمتنفل.
فائدة: وأما اقتداء متنفل بمفترض فهي جائزة عند عامة أهل العلم.
للحديث الذي سبق، حديث يزيد بن الأسود ( … إذا صليتما في رحالكما، ثم أدركتما مسجد جماعة … ) ولحديث: (ألا رجل يتصدق على هذا).