٤٥٦ - وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ (إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ، حَتَّى تُكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَنَا بِذَلِكَ: أَنْ لَا نُوصِلَ صَلَاةً بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ) رَوَاهُ مُسْلِم.
===
(وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ) الحديث فيه قصة: عن السائب بن يزيد قال: صَلَّيْتُ مَعَ معاوية الْجُمُعَةَ فِى الْمَقْصُورَةِ فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ قُمْتُ فِى مَقَامِى فَصَلَّيْتُ فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَىَّ فَقَالَ لَا تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَنَا بِذَلِكَ أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُج).
(أَنْ لَا نُوصِلَ صَلَاةً بِصَلَاةٍ) أي: صلاة الفرض بالنفل.
(حَتَّى نَتَكَلَّمَ) إما بالأذكار الشرعية، أو بمخاطبة من بجانبه.
أَوْ تَخْرُجَ) أي: تنتقل من محل الجمعة إلى محل آخر من المسجد.
• ما معنى قوله (أَنْ لَا نُوصِلَ صَلَاةً بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُج) ما معنى الخروج هنا؟
أي: ننتقل من محل الجمعة إلى محل آخر من المسجد.
ويؤيد هذا قوله (حتى تكلم) لأن التكليم يكون في المسجد.
ويحتمل أن يكون المراد الخروج من المسجد، فيكون المراد أداء سنة الجمعة في البيت.
ويؤيد هذا عموم قوله -صلى الله عليه وسلم- (صلوا في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة).
• ماذا نستفيد من الحديث؟
الحديث دليل مشروعية الفصل بين صلاة الجمعة ونافلتها، إما بكلام أو تحول، وهذا الحكم ليس خاصاً بالجمعة، بل في جميع الصلوات، والأفضل الخروج إلى البيت، لما تقدم من قوله -صلى الله عليه وسلم- (صلوا في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة).
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: بعض المصلين يغيرون أماكنهم ويتبادلونها لأداء صلاة السنة، فهل لهذا أصل من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
فأجاب فضيلة الشيخ بقوله: نعم، لهذا أصل، حيث ثبت من حديث معاوية -رضي الله عنه- أنه قال (أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج) فهذا يدل على أن الأفضل أن نميز صلاة الفريضة عن صلاة النافلة، وذلك بالانتقال من المكان أو بالتحدث مع الجار، حتى يكون هناك فاصل بين الفرض وسنته، وقد قال بذلك أهل العلم بأنه ينبغي الفصل بين الفرض وسنته بالكلام، أو الانتقال من موضعه.
• ما الحكمة من هذا الأمر؟
أولاً: الحكمة من ذلك: هو تمييز الفريضة عن النافلة.
فعن نافع أن ابن عمر رأى رجلاً يصلي ركعتين في مقامه، فدفعه وقال: (أتصلي الجمعة أربعاً؟).
قال ابن تيمية: وفي هذا من الحكمة التمييز بين الفرض وغير الفرض، كما يميز بين العبادة وغير العبادة، وأيضاً فإن كثيراً من أهل البدع كالرافضة وغيرهم لا ينوون الجمعة بل ينوون الظهر، ويظهرون أنهم سلموا وما سلموا، فيصلون ظهراً، ويظن الظان أنهم يصلون السنة، فإذا فعل التمييز بين الفرض والنفل كان هذا منع لهذه البدعة.
ولهذا نظائر في الشريعة:
- كالنهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين.
- والنهي عن صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين.