٩٧٨ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا يَخْطُبْ بَعْضُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ اَلْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ اَلْخَاطِبُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
===
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: تحريم أن يخطب الرجل على خطبة أخيه.
لحديث الباب.
ولفظه عند مسلم (لَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ) متفق عليه.
وله عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قال: قال رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ).
لحديث أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) رواه مسلم.
قال النووي: هَذِهِ الْأَحَادِيث ظَاهِرَة فِي تَحْرِيم الْخِطْبَة عَلَى خِطْبَة أَخِيهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمهَا إِذَا كَانَ قَدْ صُرِّحَ لِلْخَاطِبِ بِالْإِجَابَةِ، وَلَمْ يَأْذَن، وَلَمْ يَتْرُك. فَلَوْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَته، وَتَزَوَّجَ وَالْحَالَة هَذِهِ عَصَى، وَصَحَّ النِّكَاح، وَلَمْ يُفْسَخ. هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور.
وَقَالَ دَاوُدَ: يُفْسَخ النِّكَاح. وَعَنْ مَالِك رِوَايَتَانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ. وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَاب مَالِك: يُفْسَخ قَبْل الدُّخُول لَا بَعْده. (شرح مسلم).
وقال ابن حجر: قال الجمهور، هذا النهي للتحريم. (الفتح).
وقال ابن قدامة: وَخِطْبَةُ الرَّجُلِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ فِي مَوْضِعِ النَّهْيِ مُحَرَّمَةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَحِلُّ لَأَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَ فِي هَذِهِ الْحَالِ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: هِيَ مَكْرُوهَةٌ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ، وَهَذَا نَهْيُ تَأْدِيبٍ لَا تَحْرِيمٍ.
وَلَنَا، ظَاهِرُ النَّهْيِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ التَّحْرِيمُ، وَلِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الْإِضْرَارِ بِالْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ، فَكَانَ عَلَى التَّحْرِيمِ، كَالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ مَالِهِ وَسَفْكِ دَمِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ.
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فَقَالَ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا.
وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَدَاوُد، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ.
وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ: هُوَ بَاطِلٌ.
وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ نِكَاحٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَكَانَ بَاطِلًا كَنِكَاحِ الشِّغَارِ.
وَلَنَا، أَنَّ الْمُحَرَّمَ لَمْ يُقَارِنْ الْعَقْدَ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ. (المغني).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن رجل خطب على خطبته رجل آخر فهل يجوز ذلك؟
فأجاب: الحمد لله، ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (لا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه) ولهذا اتفق الأئمة الأربعة في المنصوص عنهم وغيرهم من الأئمة على تحريم ذلك.
وإنما تنازعوا في صحة نكاح الثاني على قولين:
أحدهما: أنه باطل، كقول مالك، وأحمد في إحدى الروايتين
والآخر: أنه صحيح، كقول أبي حنيفة والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى، بناء على أن المحرّم هو ما تقدم على العقد وهو الخطبة. ومن أبطله قال إن ذلك تحريم للعقد بطريق الأولى.
ولا نزاع بينهم في أن فاعل ذلك عاص لله ورسوله، والإصرار على المعصية مع العلم بها يقدح في دين الرجل وعدالته وولايته على المسلمين.) مجموع الفتاوى).