القول الثاني: قبول شهادة القاذف إذا تاب.
وهذا قول الشافعي وأحمد ومالك.
أ- واستدلوا بالاستثناء في آية القذف وهو قوله تعالى ( … إلا الذين تابوا .. ) عائد إلى الجملتين المتعاطفتين قبله في قوله تعالى (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
ب- ولأن الصحابة قبلوا شهادة القاذف كما ذكر ذلك ابن القيم.
ج- وقال ابن القيم: وأعظم موانع الشهادة: الكفر والسحر وقتل النفس وعقوق الوالدين والزنا، ولو تاب من هذه الأشياء قبلت اتفاقاً، والتائب من القذف أولى بالقبول.
د- ولعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
هـ- أنه ورد عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال لمن قذفوا المغيرة بن شعبة بعدما جلدهم الحد، قال: (من تاب قبلت شهادته) رواه البخاري تعليقاً مجزوماً به.
وتوبته: أن يكذب نفسه في اتهام المقذوف بالزنى، ولهذا جاء لفظ عمر عند ابن جرير: (من كذب نفسه قبلت شهادته)
فإذا تاب القاذف واستقام قُبلت شهادته، كغيره من المسلمين العدول.
وهذا القول هو الصحيح.
• ما الحكمة من مشروعية حد القذف
أولاً: منع الترامي بالفاحشة.
ثانياً: صيانة أعراض الناس عن الانتهاك، وحماية سمعتهم من التدنيس.
ثالثاً: لئلا تحصل عداءات وبغضاء، وربما تحصل حروب بسبب الاعتداء على العرض وتدنيسه.
رابعاً: تنزيه الرأي العام من أن يسري فيه هذا القول، ويسمعه الناس بآذانهم.
خامساً: منع إشاعة الفاحشة في المؤمنين، فإن كثرة الترامي بها، وكثرة سماعها، وسهولة قولها، يجرئ السفهاء على ارتكابها.