٧١٦ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ، ثُمَّ بَلَغَ اَلْحِنْثَ، فَعَلَيْهِ [أَنْ يَحُجَّ] حَجَّةً أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ، ثُمَّ أُعْتِقَ، فَعَلَيْهِ [أَنْ يَحُجَّ] حَجَّةً أُخْرَى) رَوَاهُ اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّهُ اِخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.
===
(الحنث) هو الإثم والذنب، ومعتاد أنه بلغ أن يكتب عليه إثم ذنبه.
• ما صحة حديث الباب؟
اختلف العلماء في رفع هذا الحديث ووقفه.
فروي مرفوعاً، وصححه مرفوعاً البيهقي والشيخ ابن باز، ومال إلى تصحيحه مرفوعا الحافظ في التلخيص وصححه الألباني.
قال الحافظ في التلخيص: ويؤيد صحة رفعه ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس قال (احفظوا عني ولا تقولوا قال بن عباس … فذكره) وهذا ظاهره أنه أراد أنه مرفوع فلذا نهاهم عن نسبته إليه.
وروي موقوفاً وهو الصحيح.
وقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس أنه قال (احفظوا عني ولا تقولوا قال ابن عباس .. فذكره) وإسناده صحيح، وظاهره أن له حكم الرفع، فهو بمنزلة (أمرنا، نُهينا).
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: صحة حجة الصبي، وقد سبق ما يدل على ذلك في الحديث الماضي.
وأن حجة الصبي لا يجزئه عن حجة الإسلام، فإذا بلغ فعليه أن يؤدي فريضة الحج بعد البلوغ إذا كان مستطيعاً.
• ما صحة حجة العبد قبل عتقه؟
حجة العبد قبل عتقه صحيحة ولكن لا يجزئه عن حجة الإسلام.
وحكاه ابن المنذر وابن عبد البر إجماعاً، وشذذوا القول الآخر.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم إلا من شذ منهم على أن الصبي إذا حج في صغره والعبد في حال رقه ثم بلغ الصبي وعتق العبد أن عليهما حجة الإسلام إذا وجدا سبيلاً.
وذهب بعض العلماء إلى أن العبد إذا حج وهو بالغ أنه يصح حجه ويجزئه عن حجة الإسلام لأنه مكلف.
وهذا قول ابن حزم ورجحه السعدي وقال: إنه إذا حج (أي العبد) بعد بلوغه-ولو قبل حريته-أن حجته هي حجة الإسلام، كما أن الفقير معفو عنه الحج، ولا يجب عليه، فإذا تيسر له وفعله أجزأه ذلك، ولم يلزمه إعادته إذا استغنى، فكذلك هذا الرقيق إذا أدى فريضته فإن ذلك يجزئه.
وأيضاً: فإن الحج لم يوجبه الله ورسوله في العمر إلا مرة واحدة وذلك مجمع عليه، فلزم على قول من يقول: إن حج الرقيق لا يجزئه، أنه يجب في العمر مرتين، وهذا واضح.