للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• هل يجوز أكله بدون ذكاة؟

ذهب جمهور العلماء إلى أنه يجوز أكل الجراد بدون ذكاة (يجوز أكل ميتته).

لحديث ابن عمر السابق: (ميتتان … ).

ففيه أن مما أحله الله لنا ميتتيْ السمك والجراد، وهذا دليل على حل ميتة الجراد بدون تفصيل.

قال النووي: … ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة، وَأَحْمَد وَالْجَمَاهِير: يَحِلّ، سَوَاء مَاتَ بِذَكَاةٍ أَوْ بِاصْطِيَادِ مُسْلِم أَوْ مَجُوسِيّ، أَوْ مَاتَ حَتْف أَنْفه، سَوَاء قُطِعَ بَعْضه أَوْ أُحْدِثَ فِيهِ سَبَب.

فائدة: ورد ذكر الجراد في القرآن في موضعين:

الموضع الأول كان ذكره كجندي من جنود الله أرسله الله على العصاة من عباده عقاباً لهم فقال تعالى (فأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُوا قَوْماً مُّجْرِمِين).

فهو إذن عقاب وابتلاء يسلطه الله سبحانه على من يشاء بأمره، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: وهو جند من جنود الله ضعيف الخلقة عجيب التركيب فيه خلق سبع حيوانات فإذا رأيت عساكره قد أقبلت أبصرت جنداً لا مرد له ولا يحصى منه عدد ولا عدة فلو جمع الملك خيله ورجله ودوابه وسلاحه ليصده عن بلاده لما أمكنه ذلك فانظر كيف ينساب على الأرض كالسيل فيغشى السهل والجبل والبدو والحضر حتى يستر نور الشمس بكثرته ويسد وجه السماء بأجنحته ويبلغ من الجو إلى حيث لا يبلغ طائر أكبر جناحين منه، فسل المعطل من الذي بعث هذا الجند الضعيف الذي لا يستطيع أن يرد عن نفسه حيواناً رام أخذه بلية على العسكر أهل القوة والكثرة والعدد والحيلة فلا يقدرون بأجمعهم على دفعه بل ينظرون إليه يستبد بأقواتهم دونهم ويمزقها كل ممزق ويذر الأرض قفراً منها وهم لا يستطيعون أن يردوه ولا يحولوا بينه وبينها وهذا من حكمته سبحانه أن يسلط الضعيف من خلقه الذي لا مؤنة له على القوى فينتقم به منه وينزل به ما كان يحذره منه حتى لا يستطيع لذلك رداً ولا صرفاً.

والموضع الثاني جاء ذكره في سياق وصف يوم الحشر وحال الناس حين يخرجون من قبورهم وهم في فزع عظيم وأمر مريج كأنهم الجراد المنتشر بكل اتجاه.

فقال عز من قائل (خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِر).

أي كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعي جراد منتشر في الآفاق، منتشر في كثرتهم وتفرقهم في كل جهة والجراد مثل في الكثرة والتموج، ويقال في الجيش الكثير المائج بعضه في بعض جاءوا كالجراد.

فائدة: قال القرطبي: واختلف العلماء في قتل الجراد إذا حل بأرض فأفسد.

فقيل: لا يقتل. وقال أهل الفقه كلهم: يقتل.

احتج الأولون بأنه خلق عظيم من خلق الله يأكل من رزق الله ولا يجري عليه القلم. وبما روي (لا تقتلوا الجراد فإنه جند الله الأعظم).

واحتج الجمهور بأن في تركها فساد الأموال، وقد رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتال المسلم إذا أراد أخذ مال؛ فالجراد إذا أرادت فساد الأموال كانت أولى أن يجوز قتلها. ألا ترى أنهم قد اتفقوا على أنه يجوز قتل الحية والعقرب؟ لأنهما يؤذيان الناس فكذلك الجراد .... (تفسير القرطبي)

<<  <  ج: ص:  >  >>