١٤٤١ - وَعَنْ اِبْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً، فَلَا يَتَنَاجَى اِثْنَانِ دُونَ اَلْآخَرِ، حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ; مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
===
(فَلَا يَتَنَاجَى) أي: لا يتكلما سراً بينهما.
(حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ) أي حتى يختلط الثلاثة بالناس.
(مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ) تعليل للنهي.
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد أدب من آداب المجلس، وهو النهي عن تناجي اثنين دون الثالث.
النهي الوارد في الأحاديث السابقة ظاهره التحريم، فيحرم أن يتناجى اثنان دون الثالث، أو مجموعة من الناس دون واحد منهم.
قال النووي رحمه الله: وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث النَّهْي عَنْ تُنَاجِي اِثْنَيْنِ بِحَضْرَةِ ثَالِث، وَكَذَا ثَلَاثَة وَأَكْثَر بِحَضْرَةِ وَاحِد، وَهُوَ نَهْي تَحْرِيم، فَيُحَرِّم عَلَى الْجَمَاعَة الْمُنَاجَاة دُون وَاحِد مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَأْذَن. (شرح مسلم).
[ما الحكمة من ذلك؟]
بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله (مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ).
قال القرطبي: وقد نبَّه في هذه الزيادة على التعليل بقوله (فإنَّ ذلك يحزنه) أي: يقع في نفسه ما يحزن لأجله، وذلك: بأن يقدر في نفسه: أن الحديث عنه بما يكره، أو أنَّهم لم يروه أهلاً ليشركوه في حديثهم، إلى غير ذلك من ألقيات الشيطان، وأحاديث النفس. وحصل ذلك كله من بقائه وحده.
هل مثل ذلك لو تناجى عشرة دون واحد؟
نعم.
قال القرطبي: … وعلى هذا: يستوي في ذلك كل الأعداد، فلا يتناجى أربعة دون واحد، ولا عشرة، ولا ألفٌ مثلاً؛ لوجود ذلك المعنى في حقه، بل وجوده في العدد الكثير أمكن، وأوقع، فيكون بالمنع أولى. وإنما خصَّ الثلاثة بالذكر لأنه أول عدد يتأتى فيه ذلك المعنى.
وقال النووي: وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث النَّهْي عَنْ تُنَاجِي اِثْنَيْنِ بِحَضْرَةِ ثَالِث، وَكَذَا ثَلَاثَة وَأَكْثَر بِحَضْرَةِ وَاحِد.
هل الحديث يعم الحضر والسفر، وكل زمن وكل وقت؟
نعم، لأن هذا ظاهر الحديث، فيعم الحضر والسفر.
وهذا قول الجمهور.