للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠١٥ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي اَلضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمَهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ

وَلِمُسْلِمٍ (فَإِنْ اِسْتَمْتَعْتَ بِهَا اِسْتَمْتَعْتَ وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا).

===

(وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) أي: اقبلوا وصيتي فيهن، واعملوا بها، وارفقوا بهن، وأحسنوا عشرتهن.

(فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ) قال في الفتح: قيل: إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر.

(وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي اَلضِّلَعِ أَعْلَاهُ) ذكر ذلك تأكيدا لمعنى الكسر لأن الإقامة أمرها أظهر في الجهة العليا أو إشارة إلى أنها خلقت من اعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن، ويحتمل أن يكون ضرب ذلك مثلا لأعلى المرأة، لأن أعلاها رأسها وفيه لسانها، وهو الذي يحصل منه الأذى. (الفتح).

(فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمَهُ كَسَرْتَهُ) وفي رواية مسلم (وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا) قيل: هو ضرب مثل الطلاق، أي: إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها.

(وَإِنْ تَرَكْتَهُ) وفي الرواية الثانية (وإن تركتها) أي: على ما هي عليه من اعوجاج.

(لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ) وفي رواية مسلم (اِسْتَمْتَعْتَ وَبِهَا عِوَجٌ).

١ - الحديث دليل على تحريم إيذاء الجار.

٢ - أن من علامات الإيمان عدم إيذاء الجار.

٣ - وجوب الإحسان إلى الجار.

٤ - الوصية بالنساء والحرص على الإحسان إليهن وملاطفتهن وتحمل نقصهن.

قال النووي: وَفِي هَذَا الْحَدِيث مُلَاطَفَة النِّسَاء وَالْإِحْسَان إِلَيْهِنَّ وَالصَّبْر عَلَى عِوَج أَخْلَاقهنَّ وَاحْتِمَال ضَعْف عُقُولهنَّ، وَكَرَاهَة طَلَاقهنَّ بِلَا سَبَب وَأَنَّهُ لَا يَطْمَع بِاسْتِقَامَتِهَا وَاَللَّه أَعْلَم

وقد جاء في الحديث: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ). رواه مسلم

قال النووي: يفْرَك بِفَتْحِ الْيَاء وَالرَّاء وَإِسْكَان الْفَاء بَيْنهمَا قَالَ أَهْل اللُّغَة فَرِكَهُ بِكَسْرِ الرَّاء يَفْرُكُهُ إِذَا أَبْغَضه (وَالْفَرْك) بِفَتْحِ الْفَاء وَإِسْكَان الرَّاء الْبُغْض، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: هَذَا لَيْسَ عَلَى النَّهْي، قَالَ: هُوَ خَبَر، أَيْ لَا يَقَع مِنْهُ بُغْض تَامّ لَهَا. قَالَ: وَبُغْض الرِّجَال لِلنِّسَاءِ خِلَاف بُغْضهنَّ لَهُمْ. قَالَ: وَلِهَذَا قَالَ: إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَر، هَذَا كَلَام الْقَاضِي وَهُوَ ضَعِيف أَوْ غَلَط، بَلْ الصَّوَاب أَنَّهُ نَهْي أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضهَا، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَه وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُون شَرِسَة الْخُلُق لَكِنَّهَا دَيِّنَة أَوْ جَمِيلَة أَوْ عَفِيفَة أَوْ رَفِيقَة بِهِ أَوْ نَحْو ذَلِكَ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ أَنَّهُ نَهْي يَتَعَيَّن لِوَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا أَنَّ الْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَات (لَا يَفْرَكْ) بِإِسْكَانِ الْكَاف لَا بِرَفْعِهَا وَهَذَا يَتَعَيَّن فِيهِ النَّهْي وَلَوْ رُوِيَ مَرْفُوعًا لَكَانَ نَهْيًا بِلَفْظِ الْخَبَر.

<<  <  ج: ص:  >  >>