للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• من مِنْ الصحابة أتم في سفره؟

عائشة، وعثمان.

أما عائشة، فقد روى البيهقي عن عروة عن عائشة: (أنها كانت تصلي في السفر أربعاً، فقلت لها: لو صليت ركعتين؟ فقالت: يا ابن أختي، إنه لا يشق عليّ) وسنده صحيح.

قال الحافظ: وهو دال على أنها تأولت أن القصر رخصة، وأن الإتمام لمن لا يشق عليه أفضل.

أما عثمان، فقد أتم في آخر خلافته ست سنوات.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَعُمَرُ بَعْدَ أَبِى بَكْرٍ وَعُثْمَانُ صَدْراً مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بَعْدُ أَرْبَعاً. فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ صَلَّى أَرْبَعاً وَإِذَا صَلاَّهَا وَحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْن) رواه مسلم.

• اذكر بعض الأسباب التي قيلت في سبب إتمام عثمان؟

اختلف العلماء في سبب إتمام عثمان:

فقيل: أن الأعراب قد حجوا في تلك السنة، فأراد أن يعلمهم أن فرض الصلاة أربع، لئلا يتوهموا أنها ركعتان في الحضر والسفر.

ورد هذا: بأنهم كانوا أحرى بذلك في حج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكانوا حديثي عهد بالإسلام، والعهد بالصلاة قريب، ومع هذا فلم يُرَبِّع بهم النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وقيل: إنه كان إماماً للناس، والإمام حيث نزل فهو عمله ومحل ولايته.

ورد هذا: بأن إمام الخلائق على الإطلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان هو أولى بذلك ولم يربّع.

وقيل: إنه كان قد عزم على الإقامة والاستيطان بمنى، واتخاذها داراً للخلافة.

وهذا التأويل أيضاً مما لا يقوى، فإن عثمانَ -رضي الله عنه- من المهاجرين الأولين، وقد مَنع -صلى الله عليه وسلم- المهاجرين من الإِقامة بمكة بعد نسكهم، ورخَّص لهم فيها ثلاثة أيام فقط، فلم يكن عُثمانُ لِيقيم بها، وقد منع النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من ذلك، وإنما رخَص فيها ثلاثاً وذلك لأنهم تركوها للّه، وما تُرِكَ للّه، فإنه لا يُعاد فيه، ولا يُسترجع.

وقيل: إنه كان قد تأهل بمنى، والمسافر إذا أقام في موضع، وتزوج فيه، أو كان له به زوجة، أتم، ورجح هذا ابن القيم.

لورود حديث في ذلك عند أحمد (من تأهل ببلدة، فإنه يصلي صلاة مقيم).

ورجح هذا ابن القيم وقال: وهذا أحسن ما اعتُذِر به عن عثمان.

ورد هذا الحافظ ابن حجر، فقال: فهذا الحديث لا يصح، لأنه منقطع، وفي رواته من لا يحتج به، ويرده قول عروة: إن عائشة تأولت ما تأول عثمان.

والراجح ما قاله الشنقيطي في أضواء البيان، حيث قال: الذي يظهر لي - والله تعالى أعلم - أن أحسن ما يعتذر به عن عثمان وعائشة في الإتمام في السفر، أنهما فهما من بعض النصوص أن القصر في السفر رخصة، كما ثبت في صحيح مسلم، أنه صدقة تصدق الله بها، وأنه لا بأس بالإتمام لمن لا يشق عليه ذلك كالصوم في السفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>