للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٤٤ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (ذَكَاةُ اَلْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّان.

===

• ما صحة حديث الباب؟

الحديث صححه النووي في "المجموع" (٢/ ٥٦٢)، وابن دقيق العيد في "الإلمام" (٢/ ٤٣٢) والألباني في "الإرواء" (٨/ ٢٥٦) وغيرهم، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٣/ ٧٦): "بأسانيد حسان.

وقَالَ التّرمِذيّ: " وَفِي الْبَاب عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ " انتهى ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد أن ذكاة الجنين ذكاة له، بمعنى أنه لا يحتاج إلى ذكاة مستقلة.

فالحديث دليلٌ على أنَّ الجنينَ إذا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّه ميتًا بعد ذكاتِها فهُو حلالٌ مُذَكّى بِذَكاةِ أُمِّه، وهو قولُ الجُمهور.

قال الخطَّابي في "معالم السُّنن": في هذا الحديث بيانُ جوازِ أكْلِ الجنين إذا ذُكِّيَتْ أمُّه، وإنْ لم تُجَدَّد لِلجنينِ ذكاة" ا هـ.

فمعنى الحديث: أن الجنين إذا خرج ميتاً من بطن أمه بعد ذبحها، أو وجد ميتاً في بطنها، فهو حلال، لا يحتاج إلى استئناف ذبح؛ لأنه جزء من أجزائها، فذكاتها ذكاة له.

وقال في تحفة الأحوذي: قَوْلُهُ: (ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّه) مَرْفُوعَانِ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَالْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنْ ذَكَاةِ الْجَنِينِ بِأَنَّهَا ذَكَاةُ أُمِّهِ، فَيَحِلُّ بِهَا كَمَا تَحِلُّ الْأُمُّ بِهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَذْكِيَةٍ.

وقال ابن القيم رحمه الله: سأَلُوا النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ الْجَنِين الَّذِي يُوجَد فِي بَطْن الشَّاة: أَيَأْكُلُونَهُ أَمْ يُلْقُونَهُ؟ فَأَفْتَاهُمْ بِأَكْلِهِ، وَرَفَعَ عَنْهُمْ مَا تَوَهَّمُوهُ مِنْ كَوْنه مَيْتَة: بِأَنَّ ذَكَاة أُمّه ذَكَاة لَهُ، لِأَنَّهُ جُزْء مِنْ أَجْزَائِهَا كَيَدِهَا وَكَبِدهَا وَرَأْسهَا، وَأَجْزَاء الْمَذْبُوح لَا تَفْتَقِر إِلَى ذَكَاة مُسْتَقِلَّة، وَالْحَمْل مَا دَامَ جَنِينًا فَهُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا، لَا يَنْفَرِد بِحُكْمٍ، فَإِذَا ذُكِّيَتْ الْأُمّ أَتَتْ الذَّكَاة عَلَى جَمِيع أَجْزَائِهَا الَّتِي مِنْ جُمْلَتهَا الْجَنِين، فَهَذَا هُوَ الْقِيَاس الْجَلِيّ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَة نَصّ.

وَالصَّحَابَة لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ كَيْفِيَّة ذَكَاته، لِيَكُونَ قَوْله (ذَكَاته كَذَكَاةِ أُمّه) جَوَابًا لَهُمْ، وَإِنَّمَا سَأَلُوا عَنْ أَكْل الْجَنِين الَّذِي يَجِدُونَهُ بَعْد الذَّبْح، فَأَفْتَاهُمْ بِأَكْلِهِ حَلَالًا بِجَرَيَانِ ذَكَاة أُمّه عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاج إِلَى أَنْ يَنْفَرِد بِالذَّكَاةِ

قَالَ عَبْد اللَّه بْن كَعْب بْن مَالِك " كَانَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُونَ: إِذَا أَشْعَرَ الْجَنِين فَذَكَاته ذَكَاة أُمّه " وَهَذَا إِشَارَة إِلَى جَمِيعهم.

وَمَعْلُوم أَنَّ الْجَنِين لَا يُتَوَصَّل إِلَى ذَبْحه بِأَكْثَر مِنْ ذَبْح أُمّه، فَتَكُون ذَكَاة أُمّه ذَكَاة لَهُ، وهو مَحْض الْقِيَاس. (تهذيب السنن).

<<  <  ج: ص:  >  >>