١٤٢٥ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيُعْتِقَهُ) رَوَاهُ مُسْلِم.
===
(لَا يَجْزِي) بفتح أوله، من الجزاء الذي هو بمعنى المجازاة؛ أي: لا يكافئ.
(وَلَدٌ وَالِدًا) أي: إحسان والد، يعني أنه لا يقوم بما له عليه من الحقوق حتى يفعل معه ذلك.
(فَيُعْتِقَهُ) الذي في الصحيح (فيشتريه فيعتقه).
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد أنَّ فضلَ برٍّ بِالوَالدَيْنِ، أو أحدهما: هو أنْ يجد أباه أو أمه رقيقًا مملوكًا، فيشتريه ويعتقه؛ لأَنَّه خلَّصه من الرق، الَّذي حَرَمَه من الحرية، والاستقلال بالنفس، والكسب.
وفي إعتاق الإنسان أباه، أو أُمَّه مجازاةٌ على إحسانهما إلى ولدهما؛ ذلك أنَّهما سبب وجوده من العدم، وهو بإعتاقهما أو إعتاقِ أحدهما -كأنَّه أخرجهما من العدم إلى الوجود؛ فإنَّ الرَّقيق مملوك المنافع والمكاسب .... (توضيح الأحكام).
هل يعتق الوالد بمجرد الشراء أم لا بد من إعتاقه؟
اختلف العلماء:
قيل: لا يعتق بمجرد الشراء
وهذا مذهب أهل الظاهر.
وقيل: يعتق بمجرد الشراء.
وهذا قول جماهير العلماء.
قال النووي: وَاخْتَلَفُوا فِي عِتْق الْأَقَارِب إِذَا مَلَكُوا.
فَقَالَ أَهْل الظَّاهِر: لَا يَعْتِق أَحَد مِنْهُمْ بِمُجَرَّدِ الْمِلْك سَوَاء الْوَالِد وَالْوَلَد وَغَيْرهمَا بَلْ لَا بُدّ مِنْ إِنْشَاء عِتْق.
وَاحْتَجُّوا بِمَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيث.
وَقَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء: يَحْصُل الْعِتْق فِي الْآبَاء وَالْأُمَّهَات وَالْأَجْدَاد وَالْجَدَّات وَإِنْ عَلَوْا وَعَلَوْنَ، وَفِي الْأَبْنَاء وَالْبَنَات وَأَوْلَادهمْ الذُّكُور وَالْإِنَاث وَإِنْ سَفَلُوا بِمُجَرَّدِ الْمِلْك سَوَاء الْمُسْلِم وَالْكَافِر وَالْقَرِيب وَالْبَعِيد وَالْوَارِث وَغَيْره.
وَتَأْوِيل الْجُمْهُور الْحَدِيث الْمَذْكُور عَلَى أَنَّهُ لَمَّا تَسَبَّبَ فِي شِرَاء الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ عِتْقه أُضِيفَ الْعِتْق إِلَيْهِ وَاَللَّه أَعْلَم.