٧٣٥ - وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (لَا يَنْكِحُ اَلْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ) رَوَاهُ مُسْلِم.
===
(لَا يَنْكِحُ اَلْمُحْرِمُ) بفتح الياء، أي لا يتزوج لنفسه.
(وَلَا يُنْكِحُ) بضم الباء، لا يزوج امرأة بولاية ولا وكالة في مدة الإحرام.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: أن المحرِم محرّم عليه أن يَنكح - بفتح الياء - أي: يتزوج، أو يُنكِح - بضم الياء - أي: يعقد النكاح لغيره، أو يخطب، أي: يطلب زواج المرأة من نفسها أو من أهلها.
تحريم عقد النكاح للمحرم لنفسه سواء كان رجلاً أو امرأة كلاهما محرماً أو أحدهما محرماً والآخر حلالاً.
فلا يجوز أن يكون المُحْرِم ولياً في عقد النكاح، ولو كان الزوج والزوجة حلالاً.
• ما الجواب عن حديث ابن عباس (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهي محرم) رواه مسلم؟
استدل بحديث ابن عباس هذا الحنفية وقالوا: يجوز للمحرم أن يتزوج أو يزوِّج.
لكن الجواب عن هذا الحديث من وجوه:
أولاً: أن ابن عباس وهِم إذ نسب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه تزوج ميمونة محرماً.
قال سعيد بن المسيب: وهِم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرِم.
ثانياً: أن ميمونة وهي صاحبة القصة قالت (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوجها حلالاً) رواه مسلم.
ثالثاً: أن أبا رافع كان الرسول بينهما حيث قال (تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما) رواه الترمذي.
رابعاً: أن الرواة بأنه -صلى الله عليه وسلم- تزوجها حلالاً كثيرون، منهم ميمونة نفسها، ومنهم أبو رافع، وسليمان بن يسار، ومنهم صفية بنت شيبة.
قال ابن عبد البر: وما أعلم أحداً من الصحابة روى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نكح ميمونة وهو محرم إلا عبد الله بن عبد الله، ورواية من ذكرنا معارضة لروايته، والقلب إلى رواية الجماعة أميل، لأن الواحد أقرب إلى الغلط.
وقال: والرواية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة وهو حلال متواترة عن ميمونة بعينها، وعن أبي رافع مولى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعن سليمان بن يسار مولاها، وعن يزيد بن الأصم وهو ابن أختها.
وقال عياض: الذي صححه أهل الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوجها حلالاً، وهو قول كبراء الصحابة ورواياتهم، ولم يأت عن أحد منهم أنه تزوجها محرماً إلا ابن عباس وحده.
• ما حكم الخطبة للمحْرِم؟
لأهل العلم في خطبة المحرم قولان:
القول الأول: تكره الخطبة للمحرم، والمحرمة، ويكره للمحرم أن يخطب للمحلين.
وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، واختيار ابن قدامة.
القول الثاني: أنه تحرم خطبة المحرم.
وهو مذهب المالكية، واختيار ابن حزم وابن تيمية والصنعاني، والشنقيطي، وابن باز وابن عثيمين والشنقيطي.
أ-لحديث الباب ( .... ولا يخطب).
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الجميع نهياً واحداً ولم يفصل وموجب النهي التحريم وليس لنا ما يعارض ذلك من أثر ولا نظر.
ب-أن الخطبة مقدمة النكاح وسبب إليه كما أن العقد سبب للوط، والشرع قد منع من ذلك كله حسما للمادة.
قال الشنقيطي: الأظهر عندي أن المحرِم لا يجوز له أن يخطب امرأة، وكذلك المحرمة لا يجوز للرجل خطبتها لما تقدم من حديث عثمان، وبه تعلم أن ما ذكره كثير من أهل العلم من أن الخطبة لا تحرم في الإحرام وإنما تكره أنه خلاف الظاهر من النص.
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
- أن المحرم يجوز له أن يشهد على عقد النكاح لرجل وامرأة ليسا مُحْرمين.
- يحرم عقد النكاح على الذكور والإناث، سواء كان المحرم الولي أو الزوج أو الزوجة، فالحكم يتعلق بهؤلاء الثلاثة).
- لو عقد لرجل محرم على امرأة حلال فالنكاح لا يصح، ولو عقد لرجل محل على امرأة والولي محرم لا يصح.