للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• هل تملك أرض الحرم بالإحياء كأرض عرفات ومنى؟

لا، لا تملك بالإحياء.

لأنها عامة مشتركة بين جميع المسلمين فهي كمختصات البلد وبقعها كبقع المساجد يشترك فيها كافة الناس فلا تملك بالإحياء، ولو قلنا أنها تملك بالإحياء لأدى ذلك إلى التضييق على الحجاج ونحوهم.

• بما يحصل الإحياء؟

أولاً: ببناء حائط.

أي: يبني جداراً منيع يحيط بها ويحميها، ويكون كما جرت به عادة أهل البلد، ومعنى منيع: ألا يدخل إلى ما وراءه إلا بباب.

ثانياً: أو بحفر بئر.

هذا الأمر الثاني مما يحصل به الإحياء، وهو حفر بئر في الأرض الموات ووصل إلى الماء، فهذا يكون إحياء.

ثالثاً: أو إجراء ماء إليها.

هذا الأمر الثالث مما يكون به الإحياء، وهو سوق الماء وإجراؤه إلى الأرض الموات من عين أو نهر ونحوهما.

- سقيها بماء المطر لا يكون إحياء.

رابعاً: أو منع ما لا تزرع معه.

هذا الأمر الرابع ما يحصل به الإحياء، وهو قلع الأشجار والأحجار المانعة من زرعها وسقيها، ويزيل عنها ما لا يمكن زرعها معه.

مثال: فيها أشجار وحشائش لا يمكن زرعها معها فجاء بجرافه وقلعها فهذا احياء.

• ما حكم إحياء ما قرب من البلد؟

قال ابن قدامة: وَمَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ، وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ، مِنْ طُرُقِهِ، وَمَسِيلِ مَائِهِ، وَمَطْرَحِ قُمَامَتِهِ، وَمُلْقَى تُرَابِهِ وَآلَاتِهِ، فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ، بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ.

وقيل: يجوز.

قال ابن قدامة: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ).

وَلِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ الْعَقِيقَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ بَيْنَ عِمَارَةِ الْمَدِينَةِ.

وَلِأَنَّهُ مَوَاتٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ مَصْلَحَةُ الْعَامِرِ، فَجَازَ إحْيَاؤُهُ، كَالْبَعِيدِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ.

وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَاللَّيْثُ.

لِأَنَّهُ فِي مَظِنَّةِ تَعَلُّقِ الْمَصْلَحَةِ بِهِ، فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى فَتْحِ بَابٍ فِي حَائِطِهِ إلَى فِنَائِهِ، وَيَجْعَلَهُ طَرِيقًا، أَوْ يَخْرُبَ حَائِطُهُ، فَيَضَعَ آلَاتِ الْبِنَاءِ فِي فِنَائِهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجُزْ تَفْوِيتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْبَعِيد. (المغني).

وقال: وَكَذَلِكَ مَا تَعَلَّقَ بِمَصَالِحِ الْقَرْيَةِ، كَفِنَائِهَا، وَمَرْعَى مَاشِيَتِهَا، وَمُحْتَطَبِهَا، وَطُرُقِهَا، وَمَسِيلِ مَائِهَا، لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ أَيْضًا خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>