للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٥٥ - وَعَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- قَالَ (مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ عَلَى أَحَدٍ حَدًّا، فَيَمُوتُ، فَأَجِدُ فِي نَفْسِي، إِلَّا شَارِبَ الْخَمْرِ; فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِي.

===

(فَأَجِدُ فِي نَفْسِي) الوجد هنا الحزن.

(إِلَّا شَارِبَ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ) أي: غرمت ديته لمن يستحق قبضها، وفي رواية مسلم (لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يسنه) تعليل لأدائه الدية لمن مات من حد الشرب.

• ما حكم من مات بسبب إقامة الحد عليه؟

ليس فيه دية ولا كفارة. (الحق قتله).

قال النووي: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدّ فَجَلَدَهُ الْإِمَام أَوْ جَلَّاده الْحَدّ الشَّرْعِيّ فَمَاتَ فَلَا دِيَة فِيهِ وَلَا كَفَّارَة، لَا عَلَى الْإِمَام، وَلَا عَلَى جَلَّاده وَلَا فِي بَيْت الْمَال.

وقال القرطبي: حديث علي (مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ عَلَى أَحَدٍ حَدًّا، فَيَمُوتُ … ) يدلُّ على أن ما كان فيه حدٌّ محدود فأقامه الإمام على وجهه، فمات المحدود بسببه؛ لم يلزم الإمام شيء، ولا عاقلته، ولا آل بيت المال. وهذا مجتمعٌ عليه.

لأنَّ الإمام قام بما وجب عليه، والميت قتيل الله.

وأمَّا حدّ الخمر فقد ظهر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يحدّ فيه حدًّا، فلما قصرته الصحابة -رضي الله عنه- على عدد محدود، وهو الثمانون، وجد علي -رضي الله عنه- في نفسه من ذلك شيئًا، فصرَّح بالتزام الدِّية إن وقع له موت المجلود احتياطًا، وتوقيًّا، لكن ذلك- والله أعلم - فيما زاد على الأربعين إلى الثمانين. وإمَّا الأربعون: فقد صرَّح هو على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر جلداها، وسمى ذلك سنة. فكيف يخاف من ذلك؟

وهذا هو الذي فهمه الشافعي من فعل علي هذا، فقال: إن حدّ أربعين بالأيدي، والنعال، والثياب فمات؛ فالله قتله، وإن زِيدَ على الأربعين بذاك، أو ضرب أربعين بسوط فمات؛ فديته على عاقلة الإمام. (المفهم).

• ما الحكم لو مات من التعزير؟

لا ضمان فيه ولا كفارة أيضاً.

قال النووي: وَأَمَّا مَنْ مَاتَ مِنْ التَّعْزِير:

فَمَذْهَبنَا وُجُوب ضَمَانه بِالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَة، … هَذَا مَذْهَبنَا.

وَقَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء: لَا ضَمَان فِيهِ لَا عَلَى الْإِمَام وَلَا عَلَى عَاقِلَته وَلَا فِي بَيْت الْمَالِ.

وقال القرطبي: وجمهور العلماء على أنه لا شيء عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>