١٢٦٦ - وَعَنْ أَبِي مُوسَى اَلْأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اَللَّهِ هِيَ اَلْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اَللَّهِ هِيَ اَلْعُلْيَا) لفظ الحديث كاملاً:
عن أبي موسى. قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الرَّجُلِ يُقاتلُ شَجَاعَةً، ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذلِكَ في سبيلِ الله؟ فقال رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُلْيَا، فَهوَ في سبيلِ الله) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
(عَنِ الرَّجُلِ يُقاتلُ شَجَاعَةً) وفي الرواية الأخرى (فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَباً) أي: لأجل حظ نفسه، ويحتمل أن يفسّر القتال للحميّة بدفع المضرة، والقتال غضباً بجلب المنفعة.
(وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً) أي: لمن يُقاتِل لأجله من أهل، أو عشيرة، أو صاحب،
(ويُقَاتِلُ رِيَاءً) أي: ليراه الناس، ولذلك جاء عند البخاري في التوحيد (ويقاتل رياء) وفي رواية للمصنف في الجهاد (الرجل يقاتِل للمغنم، والرجل يقاتل للذِّكْر، والرجل يقاتل ليُرَى مكانه) فقوله (والرجل يقاتل للذِّكْر) أي: ليذكره الناس فيما بينهم بالشجاعة، قال الحافظ: فمرجع قوله (يقاتل ليُذكر) إلى السمعة، ومرجع قوله (ويقاتل ليُرَى مكانه) إلى الرياء، وكلاهما مذموم.
(مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا) قال في الفتح: المراد بـ (بكلمة الله) دعوة الله إلى الإسلام.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد أنه يشترط لقبول العبادة والعمل: الإخلاص لله تعالى، ومن ذلك الجهاد في سبيل الله.
أ- لحديث الباب.
ب-ولحديث أبي أُمامة، قال (جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمِسُ الأجرَ والذِّكْرَ، ما لَهُ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا شيءَ له، ثمَّ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنَّ الله لا يقبلُ من العملِ إلاَّ ما كانَ خالصاً، وابتُغي به وجهُهُ).
ج- ولحديث أبي هريرة (أنَّ رجلاً قال: يا رسول اللهِ، رجلٌ يريدُ الجِهادَ وهو يبتغي عَرَضاً مِنْ عَرَضِ الدُّنيا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا أجر له، فأعاد عليه ثلاثاً، والنَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا أجر له) رواه أبو داود.
• وهل يدخل في سبيل الله إذا قصد المغنم ضمناً لا أصلاً مقصوداً؟
نعم.
وبذلك صرح الطبري فقال: إذا كان أصل الباعث هو الأول لا يضره ما عرض له بعد ذلك، وبذلك قال الجمهور.
لكن روى أبو داود والنسائي من حديث أمامة بإسناد جيد، قال: جاء رجل فقال يا رسول الله! أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ماله؟ قال: لا شيء له، فأعاده ثلاثاً كل ذلك يقول: لا شيء له، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، وابتغي به وجهه).
ويمكن أن يحمل هذا على من قصد الأمرين معاً على حد واحد، فلا يخالف المرجّح أولاً.