للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٠٩ - وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ تَسَمَّعَ حَدِيثَ قَوْمٍ، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ اَلْآنُكُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ) يَعْنِي: اَلرَّصَاصَ. أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِيُّ.

===

(مَنْ تَسَمَّعَ) لفظ البخاري (من استمع) أي: من قصد الاستماع إلى حديث قوم بحيث يكون مختفياً.

(صُبَّ) أي: أفْرِغ.

(اَلْآنُكُ) وهو الرصاص المذاب.

[ماذا نستفيد من الحديث؟]

نستفيد الوعيد الشديد لمن يتسمع لحديث قوم وهم كارهون، وأن ذلك من كبائر الذنوب.

[اذكر بعض صور التجسس المشروع؟]

من صور التجسس المشروع التجسس على أعداء الأمة لمعرفة عددهم وعتادهم.

فقد اتفق الفقهاء على أنَّ التجسس والتنصت على الكفار في الحرب مشروع وجائز لمعرفة عددهم، وعتادهم، وما يخطِّطون له، ويدبِّرون من المكائد للمسلمين، وهو الأمر الذي يكون بعلم الإمام، وتحت نظره ومعرفته.

فالتجسس على أعداء الأمة الإسلامية بتتبُّع أخبارهم، والاطِّلاع على مخططاتهم التي يعدُّونها للقضاء على الأمة الإسلامية، وإثارة الفتنة والقلاقل بين صفوفها، وزعزعة أمنها واستقرارها أمر مشروع، بل قد يكون واجبًا في حالة قيام حرب بينهم وبين المسلمين، وقد دلَّ على مشروعيته الكتاب والسنة وعمل الصحابة:

[ما حكم إساءة الإنسان إلى مماليكه ومن تحت يده؟]

حرام.

قال الصنعاني قوله (وَلَا سَيِّئُ الْمَلَكَةِ)، وَهُوَ مَنْ يَتْرُكُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ الْمَمَالِيكِ أَوْ تَجَاوَزَ الْحَدَّ فِي عُقُوبَتِهِمْ، وَمِثْلُهُ تَرْكُهُ لِتَأْدِيبِهِمْ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ تَعْلِيمِ فَرَائِضِ اللَّهِ وَغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ الْبَهَائِمُ سُوءُ الْمَلَكَةُ يَكُونُ بِإِهْمَالِهَا عَنْ الْإِطْعَامِ وَتَحْمِيلِهَا مَا لَا تُطِيقُهُ مِنْ الْأَحْمَالِ، وَالْمَشَقَّةِ عَلَيْهَا بِالسَّيْرِ وَالضَّرْبِ الْعَنِيفِ وَغَيْرِ ذَلِك.

قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُم مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُم).

فقد أمرت الآية المسلمين بإعداد ما يستطيعون من قوة لمواجهة الأعداء، ومن أسباب القوة التخطيط السليم، واليقظة والحذر، والتأهب الدائم؛ لإحباط مخططات الأعداء، ولا شكَّ أنَّ ذلك لا يتمُّ إلا بمعرفة أخبار الأعداء وخططهم، ورصد تحركاتهم، وما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب، فدلَّت الآية على مشروعية التجسس على الأعداء بكلِّ وسيلة شريفة، وطريقة نبيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>