• ما حكم الصلاة على غير الأنبياء؟
استدل بهذا الحديث على جواز الصلاة على غير الأنبياء، وهذه المسألة لها ثلاث أحوال:
الأولى: أن تكون تابعة للصلاة على الأنبياء، فهذه جائزة بالنص والإجماع.
كما في الحديث (اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد).
الثانية: أن يصلي على غير الأنبياء استقلالاً لسبب، فهذا جائز.
كما في حديث الباب.
الثالثة: أن يصلى على غير الأنبياء استقلالاً من غير سبب، فهذا وقع فيه خلاف.
فذهب مالك والشافعي وطائفة من الحنابلة إلى المنع.
قال ابن عباس: (لا أعلم الصلاة تنبغي على أحد إلا على النبي).
وذهب أحمد وأكثر الصحابة إلى أنه لا بأس بذلك.
أ-لحديث الباب.
ب-وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لامرأة (صلى الله عليكِ وعلى زوجك) رواه ابن ماجه.
قال شيخ الإسلام: وهذا القول أصح وأولى، لكن إفراد واحد من الصحابة والقرابة كعلي أو غيره بالصلاة عليه دون غيره مضاهات للنبي -صلى الله عليه وسلم- بحيث يجعل ذلك شعاراً معروفاً باسمه هذا هو البدعة.
وقال ابن القيم: ولو قيل حينئذٍ بالتحريم لكان له وجه.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: والصلاة على غير الأنبياء تبعاً جائزة بالنص والإجماع لكن الصلاة على غير الأنبياء استقلالاً لا تبعاً هذه موضع خلاف بين أهل العلم هل تجوز أو لا؟ فالصحيح جوازها، أن يقال لشخص مؤمن صلى الله عليه وقد قال الله تبارك وتعالى للنبي -صلى الله عليه وسلم- (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عليهم) فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي على من أتى إليه بزكاته وقال (اللهم صلى على آل أبي أوفى) حينما جاؤوا إليه بصدقاتهم، إلا إذا اتخذت شعاراً لشخص معين كلما ذكر قيل: صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يجوز لغير الأنبياء، مثل لو كنا كلما ذكرنا أبا بكر قلنا: صلى الله عليه، أو كلما ذكرنا عمر قلنا: صلى الله عليه، أو كلما ذكرنا عثمان قلنا: صلى الله عليه، أو كلما ذكرنا علياً قلنا: صلى الله عليه، فهذا لا يجوز أن نتخذ شعاراً لشخص معين (نور على الدرب).
وقد ذكر الحافظ ابن كثير الخلاف في المسألة فقال في تفسيره:
وأما الصلاة على غير الأنبياء، فإن كانت على سبيل التبعية كما تقدم في الحديث (اللهم، صل على محمد وآله وأزواجه وذريته) فهذا جائز بالإجماع.
وإنما وقع النزاع فيما إذا أفرد غير الأنبياء بالصلاة عليهم:
فقال قائلون: يجوز ذلك.
واحتجوا بقوله (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ).
وبقوله (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ).
وبقوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ).
وبحديث عبد الله بن أبي أوْفَى قال (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل عليهم).
وأتاه أبي بصدقته فقال (اللهم صل على آل أبي أوفى).
وبحديث جابر (أن امرأته قالت: يا رسول الله، صل عَلَيَّ وعلى زوجي. فقال: صلى الله عليكِ وعلى زوجك).
وقال الجمهور من العلماء: لا يجوز إفراد غير الأنبياء بالصلاة.
لأن هذا قد صار شعاراً للأنبياء إذا ذكروا، فلا يلحق بهم غيرهم، وحملوا ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة على الدعاء لهم؛ ولهذا لم يثبت شعارا لآل أبي أوفى، ولا لجابر وامرأته، وهذا مسلك حسن.
ثم اختلف المانعون من ذلك: هل هو من باب التحريم، أو الكراهة التنزيهية، أو خلاف الأولى؟ على ثلاثة أقوال، حكاه الشيخ أبو زكريا النووي في كتاب الأذكار، ثم قال: والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهة تنزيه، لأنه شعار أهل البدع، وقد نهينا عن شعارهم، والمكروه هو ما ورد فيه نهي مقصود.