٣١٢ - وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ اَلْأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: (قَالَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! أَمَرَنَا اَللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: "قُولُوا: اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي اَلْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَالسَّلَامُ كَمَا عَلَّمْتُكُمْ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَزَادَ اِبْنُ خُزَيْمَةَ فِيهِ: (فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ، إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا).
===
(أَمَرَنَا اَللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ) يعني في قوله تعالى (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
(فَسَكَتَ) وفي لفظ مسلم (فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى تمنينا أنه لم يسأله) وفي رواية الطبراني (فسكت حتى جاء الوحي).
(اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) أي: أثن عليه بالذكر الجميل في الملأ الأعلى.
(آل محمد) هم أتباعه الذين على دينه، وهذا قول الثوري، ورواه البيهقي عن جابر بن عبد الله الصحابي. قال النووي في شرح مسلم: وهو أظهرها، وقيل: أهل بيته، وقيل: أزواجه وعشيرته ممن آمن.
(وبارك على محمد) دعاء لمحمد بإنزال البركة على الرسول وعلى آله.
(العالمين) جمع عالم، وهو كل من سوى الله، سموا بذلك لأنهم علم على خالقهم.
(حميد) قال الخطابي: " الحميد هو المحمود الذي استحق الحمد بفعاله.
(مجيد) المجد كمال العظمة والسلطان.
• ما حكم الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد الأخير؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها واجبة.
وهذا مذهب الشافعي وإسحاق.
قال الشوكاني: إلى ذلك ذهب عمر وابنه وابن مسعود وجابر بن زيد والشعبي.
واختاره ابن العربي والألباني والصنعاني.
أدلتهم:
أ-قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
وجه الدلالة: أن الله سبحانه أمر المؤمنين بالصلاة والتسليم على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأمره المطلق يقيد الوجوب.
ب-حديث الباب: (قولوا: اللهم صلّ على محمد … ) وهذا أمر، والأمر للوجوب.
ج-ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (إذا أنتم صليتم عليّ فقولوا: اللهم صلّ على محمد … ).
د-ولحديث فضالة بن عبيد (حديث الباب).
وقال الشوكاني: إن في حديث فضالة حجة لمن لا يرى الصلاة عليه فرضاً حيث لم يأمر تاركها بالإعادة
وقد رد الشوكاني على كل أدلة من يقول بالوجوب، فقال رحمه الله: لا يتم الاستدلال على وجوب الصلاة بعد التشهد لهذه النصوص، لأن غايتها الأمر بمطلق الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم-، وهو يقتضي الوجوب في الجملة بإيقاع فروضها خارج الصلاة.
القول الثاني: أنها سنة وليست بواجبة.