للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦ - قوله (فَإِنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَأَدْرَكْتَهُ حَيًّا فَاذْبَحه).

قال النووي: هَذَا تَصْرِيح بِأَنَّهُ إِذَا أَدْرَكَ ذَكَاته وَجَبَ ذَبْحه، وَلَمْ يَحِلّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ، وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَن وَالنَّخَعِيِّ خِلَافه فَبَاطِل، لَا أَظُنّهُ يَصِحّ عَنْهُمَا.

وَأَمَّا إِذَا أَدْرَكَهُ وَلَمْ تَبْقَ فِيهِ حَيَاة مُسْتَقِرَّة بِأَنْ كَانَ قَدْ قَطَعَ حُلْقُومه وَمُرَّيْهِ، أَوْ أَجَافَهُ أَوْ خَرَقَ أَمْعَاءَهُ، أَوْ أَخْرَجَ حَشْوَته. فَيَحِلّ مِنْ غَيْر ذَكَاة بِالْإِجْمَاعِ. (شرح مسلم).

٧ - قوله (وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِكَ كَلْبًا غَيْرَهُ وَقَدْ قتلَ فَلَا تَأْكُلْ: فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيَّهُمَا قَتَلَهُ).

قال النووي: فِيهِ بَيَان قَاعِدَة مُهِمَّة، وَهِيَ أَنَّهُ إِذَا حَصَلَ الشَّكّ فِي الذَّكَاة الْمُبِيحَة لِلْحَيَوَانِ لَمْ يَحِلّ؛ لِأَنَّ الْأَصْل تَحْرِيمه، وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ، وَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ حَيًّا وَفِيهِ حَيَاة مُسْتَقِرَّة فَذَكَّاهُ حَلَّ، وَلَا يَضُرّ كَوْنه اِشْتَرَكَ فِي إِمْسَاكه كَلْبه وَكَلْب غَيْره لِأَنَّ الِاعْتِمَاد حِينَئِذٍ فِي الْإِبَاحَة عَلَى تَذْكِيَة الْآدَمِيّ لَا عَلَى إِمْسَاك الْكَلْب.

قال الشيخ ابن عثيمين: ظاهر الحديث العموم، لكنه يقيد بما إذا كان الكلب الثاني لم يرسله صاحبه ولم يسم عليه، فإن كان الكلب الثاني قد أرسله صاحبه وسمى عليه، فإن الصيد يحل، لأنه صِيدَ بكلبٍ معلم مرسل من قبل صاحبه، لكن بقى النظر لمن يكون هذا الصيد؟ الظاهر أقرب الاحتمالات أن يقسم بينهما.

٨ - قوله (وَإِنْ رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اَللَّهِ، فَإِنْ غَابَ عَنْكَ يَوْماً، فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ إِلَّا أَثَرَ سَهْمِكَ، فَكُلْ إِنْ شِئْت).

قال النووي: هَذَا دَلِيل لِمَنْ يَقُول: إِذَا أَثَّرَ جُرْحه فَغَابَ عَنْهُ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا، وَلَيْسَ فِيهِ أَثَر غَيْر سَهْمه، حَلَّ، وَهُوَ أَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ وَمَالك فِي الصَّيْد وَالسَّهْم، وَالثَّانِي: يَحْرُم، وَهُوَ الْأَصَحّ عِنْد أَصْحَابنَا، وَالثَّالِث يَحْرُم فِي الْكَلْب دُون السَّهْم، وَالْأَوَّل أَقْوَى وَأَقْرَب إِلَى الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة. وَأَمَّا الْأَحَادِيث الْمُخَالِفَة لَهُ فَضَعِيفَة، وَمَحْمُولَة عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه، وَكَذَا الْأَثَر عَنْ اِبْن عَبَّاس: كُلْ مَا أَصْمَيْت، وَدَعْ مَا أَنْمَيْت. أَيْ كُلْ مَا لَمْ يَغِبْ عَنْك دُون مَا غَابَ.

٩ - قوله (وَإِنْ وَجَدْتَهُ غَرِيقاً فِي اَلْمَاءِ، فَلَا تَأْكُل) هَذَا مُتَّفَق عَلَى تَحْرِيمه.

وجاء السبب في نفس الحديث (فإنك لا تدري الماء قتله، أو سهمك).

• هل يلحق بالكلب غيره ممن يقبل التعليم؟

نعم.

قال القرطبي: وقد ألحق الجمهور بالكلب كلَّ حيوان مُعَلَّم يتأتى به الاصطياد.

تمسُّكًا بالمعنى.

وبما رواه الترمذي عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيد البازي فقال: (ما أمسك عليك فَكُل) على أن في إسناده مجالدًا، ولا يُعرف إلا من حديثه، وهو ضعيف. والمعتمد: النظر إلى المعنى، وذلك أن كل ما يتأتى من الكلب يتأتى من الفهد مثلاً، فلا فارق إلا فيما لا مدخل له في التأثير، وهذا هو القياس في معنى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>